قبلة باردة..  

Posted by: محمد إبراهيم محروس


أهلاً..انتظرتك طويلا ..لماذا تأخرت ؟..
- العمل كما تعلمين.. فهم لا يرحمون هنا..
أشارت بيدها, وهزّت رأسها ,أنها تفهم بكل تأكيد.وقالت وهى تعطيه ابتسامتها المعهودة:- سوف اسخن لك الطعام مرة أخرى لقد برد..
قال متعاطفا:- كلا سأكله الآن كما هو..لا داعي..
إنها أيضا لم تكن تستطيع أن تقف على قدميها ؛لتعيد تسخين الطعام, ولكنها أجبرت نفسها أن تعرض عليه الأمر.. وقد أراحها بجوابه. أنهى طعامه..وقام ,أشعل سيجارة ,واتجه إلى المكتب ,فرد أوراقاً كثيرة ..وشرع فى العمل .يطلبون الأوراق غداً .ويجب أن ينتهي منها.. اقتربت منه ,وضعت كوباً من الشاي أمامه .. تحسست شعره بيدها ,رفع رأسه, ثم أمسك راحتها, ووضعها على فمه وقبلها..تركت راحتها لبرهة بين شفتيه, ثم سحبتها برفق. .. انصرفت ؛لتتركه لعمله الذي لم ينته , ولن ينتهي منه منذ وطأت أقدامهما أرض هذا الوطن الغريب. خمس عشرة سنة وهما هنا..مروا عليهما كأنهم قرون .
كل سنة يحلمان بالعودة إلى أرض الوطن.. ولكن يأتي الحلم بصعوبة.
أحلامهما تتعثر ,ثم تستقيم, ثم تعود للتعثر ,وهكذا الأيام تمضى.
جلست أمام التلفاز تتابع حوار المذيعة اللامعة مع ضيوفها"الحياة أصبحت مفتوحة أمامنا رغم كل الضيق الذي يسيطر على مشاعرنا العالم أصبح قرية صغيرة.وتتشابه الأسماء والأزمنة وتختلط المفاهيم فى عقول الناس ولكن لابد للعودة إلى رحم الحياة الأم إلى بكوريتها ولحظات التنفس الحقيقي"
ما كل هذا الذي قاله العالم المهيب..والمذيعة تهزّ رأسها موافقة.. مصمصت شفتيها وغيرت القناة صوت ذلك المطرب لا يعجبها به رنة مزعجة.. قامت بتحويل القناة مرة أخرى..اللعنة!
ألم تحذف هذه القناة من القائمة أمس؟!..تعلقت عيناها بالقناة للحظة,ثم سارعت بحذفها مرة أخرى مرت على القنوات سريعا. لا شيء, لا شيء جديد. أغلقت التلفاز ,وقامت إلى المطبخ متثاقلة..جهزت العشاء وانتظرت برهة قبل أن تلج فى غرفة المكتب..مازال منكباً على أوراقه.تنحنحت قال:- قاربت الانتهاء,نصف ساعة أخرى
قالت:- لقد جهزت العشاء.
قال فى لامبالاة وهو يواصل عمله:- كلى أنتِ أمامي بعض الوقت..
انسحبت من أمامه, ودخلت للمطبخ مرة أخرى ,غطت العشاء. منذ متى لم يجمعهما والخبز وقت..سنوات طويلة, تنهدت فى حسرة ولم تتناول لقمة..قررت أن تنام ..دلفت إلى حجرة النوم.. ارتمت على السرير.
لم تشعر بالبرد هذه الليلة وبتلك القوة؟
راحت الذكريات تتوالى ..أحلام الثراء ،أحلام السفر، الغربة بكل ما فيها من ضغط ومرارة ،والأطفال الذين يرفضون أن يجيئوا فى تلك البلد ..زيارتها للطبيب لعدة مرات حتى ملت الأطباء.
قال الطبيب:- لا مانع لديك من الحمل وزوجك كذلك.. أهم شيء الراحة النفسية لكما معا..
ومن أين تأتى هذه الراحة التي تكلم عنها؟ !
جسدها يرتعش تحت الأغطية الكثيفة..دمعة تسللت من عينيها وفرت تبغي الخلاص. لقد تحملت الكثير, تحملت فوق طاقتها, ولكن ماذا أمامها لتفعله؟
صوت حركة أقدامه فى الصالة ؛جففت دموعها التي بدأت فى الانحدار..من الجلي أنه أنهى عمل اليوم،ذلك العمل الذي لا يدع فرصة لهما ؛ليعيشا حياتهما الخاصة..سيذهب للمطبخ الآن ..ويتناول عشاءه فى سرعة,وكأنه يؤدى واجباً مملاً,ثم يذهب ليفتح التلفاز ..سيقلب القنوات سريعاً, سوف يُلاحظ أنها حذفت تلك القناة الملعونة ؛سيضحك..
تعلم أنه سوف يثبتها مرة أخرى ،ثم يشاهدها لدقائق بحكم التأكد من التثبيت..ويغلق التلفاز..ستعيد فى النهار حذفها ..هكذا تمضى الأمور بينهما منذ سنوات.
خطواته تقترب من باب غرفتها ..سيفتح الباب الآن ,ويدخل يحاول إلاّ يزعجها ..
ستلتف بجسدها إليه وتنير اللمبة الصغيرة بجوار السرير ليعرف أنها لم تنم بعد..وتتقابل العيون والابتسامات .ضحكت وهو يقول : - لقد انتهيت..
اقترب منها وضع قبلة على جبينها ..أزاح طرف الغطاء .ودلف للسرير..لثم جبينها مرة أخرى وأعطاها ظهره وذهب فى النوم. ما زال النوم بعيداً عن عينيها.
بينما ارتفع شخيره وهى ما تزال ترتعش وتتساءل لماذا تشعر بكل هذا البرد ..لماذا؟!

This entry was posted on 7:24 م . You can leave a response and follow any responses to this entry through the الاشتراك في: تعليقات الرسالة (Atom) .

6 التعليقات

هههههههههه حلوة يا كبير

بالنسبة للحل بتاعك بتاع كتابة قصص باسمي فلما نتقابل قبضتي حتتعامل معاك

هع هع هع :)

ممل الزواج عندما يتحول الى وظيفة

تحياتي

اهلا يا ابو حميد
عامل ايه يا جميل
هممممممم
عندما نتقابل قبضتي حتتعامل معاك
افهم من كدة أنك ناوي تقبضني
هايل يا جميل وهعملك خصم على الكمية
يعني ممكن نمشيها الرواية ب1000جنيه
والمجموعة القصصية 700جنيه
ياللا
انشاالله ما حد حوش
خالص تحياتي

الف شكر يا هناء لمرورك
خالص تحياتي
وشكري
دمت بكل خير
خالص التحايا

رائعة جدااااا....وبدون مبالغة.
وكما قالت الاخت هناء ان الزواج تحول لوظيفة
الاب آله لدر المال والزوجة آله لدر الاطفال

أسامة

إرسال تعليق