أي نيران تطفئ لهيب !!!  

Posted by: محمد إبراهيم محروس




تطوف كما النحلة، تطوف كما الخيال الناضج في دائرة عبثية أحكم حلقاتها أنا.. هي من تكون بداخلي عندما أنوي أن أشرد بعيدا عن كل تعريف أو مسمى ملفوظ بالكتابة، هي من تتغزل حولها كل أشياء، سجائري، ولاعتي، قميصي القديم، حذاء جديد وآخر بال.. هي من ترتسم في ظلها كل الأشياء ، وتهرب من بين جوانبها كل الأشياء سمراء ، بيضاء ، حالمة ، شاردة ، عاقلة ومتغلبة على أموري ، غاضبة وقاتلة ، عاشقة مبتهلة بالدعاء ، وأنثى تتمرد بين جوانحي ، هي اللحظة الآتية الغبية ، واللحظة الماضية الآثمة ، هي أنثاي ، وهي امرأتي ، هي كل الحكاية ، لم أجد بدا ، ولن أجد سوى أن أفيض وأفيض ، أخرج من موال عشقي لأطوف في موال عشقي ، أتنسم هواءها البكر ، وأشارف على الهلاك لمرأى عينيها الساحرتين ، اللتين يخترقان حدودي كل صباح ، من هذه اللحظة التي داومت فيها على الكتابة لم أكن أظن قط ، أن كان من حقي الظن أو انعدامه أنها هناك في ظل الأشياء تبدو في كلف الحقيقة ترسم خطى الشباب ، تنفض على عينيها ألوان الشقاء ، ترسم بسمة تنير الطريق إلى مالا يجب ، أحاول أن أترصد جنون كل الهتافات التالية والمجنونة خلال لحظاتي العقيمة المتواترة ، ولكن دوما أقف وسط التخيبات ، أتخبط ملتويا كالثعبان ، أحاول ، وهي تحاول ، نقف في منتصف الطريق ، ترسم ، وأشخبط / أقف / أعود لأمشي مترنحا، لا أعرف كيف أبث عشقي في حروف ميتة ، في منتصف المسافات بيني وبينها ، في مناطق التيه والعشق والجنون ، في لحظات متعتي وهروبي ، لن أكون ، ولن تكون ، في ظل أشجار لم تخلق بعد ، مع نطفة الحياة .

سائلا، متسائلا، حاولت أن أكون أي.. ولكن بعد لحظة مريضة بالتعصب اكتشفت أن كل لحظاتي تعصب أعمى لها، كل سوابقي في الحب، وكل جرائمي، وكل ذكريات حياتي، كانت لها، هي من اختارت أن تكون لي، وهي من رمت بطريقتي ما لطريقي من نهاية.. حلم بارد متوتر ، حلم فاشل متوتر ، ليل بارد متوتر ، جحيم بارد متوتر ، أي نيران تطفئ لهيب ..

شات...  

Posted by: محمد إبراهيم محروس

http://4.bp.blogspot.com/_Ix0I2K9Fq68/SGq_YaVWMhI/AAAAAAAAAFU/2KYOU7sqpy8/s320/%D8%B9%D8%B7%D8%B1+%D8%A7%D9%85%D8%B1%D8%A3%D8%A9+2.jpg

لم تكن هيلين هي الوجه المنتظر لي الآن ، فبعد خمس سنوات من تعارفنا خلال "شات" غريب ، لم أتوقع قط أن تقول لي : أنا جاية مصر بكرة ..

توقعت أن أقول كلمة قبيحة ، ولكنني منعت نفسي وقتها وأنا أقول : مفيش مشاكل تشرفي ..

ندمت بعدها أنني أعطيت لها كل المعلومات الضرورية عني من قبل ،وأنني وصفت لها حياتي وصفًا غريبًا ، فما كانت هيلين سوى انبعاث لفكر خاص بيّ ، يدور حولها فلك خاص بها ، ودوما أجد المبرر الكافي لكي لا أقطع علاقتي بها ؛يكفي أن أطرح لنفسي فكرة المنظومة العالمية وأننا في عالم العولمة ، وكنت أفكر وهي تقول ليّ على فترات متقطعة أنها أخيرا سوف تنهي ارتباطات عملها الأخير وسوف تقضي إجازتها في مصر ..كنت أظنها تعبث ، لتزيد شوقي للعبة المميتة عبر النت ، ولكن العبث الذي كانت تقوله أو ما تصورته أنا ، لم يكن عبثًا بل كان حقيقة تقوم هي على تدريب نفسها عليها يومًا بعد يوم ، وكان عليّ أن أتقبل هذا الفعل بصورته الحقيقية ، التزمت الصمت طوال محادثتي مع صديق ليّ كان يستشيرني في مشكلة عاطفية أنها ليست مشكلة بقدر مع هي حالة من التوحد الروحي بينه وبين حبيبته التي قررت أن تغادر عالمه الحقيقي والافتراضي فجأة ؛لتصيبه بالتخبط ، وكان لزاما عليّ أن أطرح مشكلة هيلين جانبا وأنتبه لصديقي وهو يقول ليّ عن حبيبته العراقية التي يعرف أنني أعرفها ربما أكثر منه ، وإنها ستأتي إلى مصر كما تأتي دوما ، كل صيف وأنه يجهز نفسه لزواجه بها ،ولكنها قررت اليوم أن تقطع حبل علاقتهما الممتد منذ ثلاث سنوات ، فهي لا ترغب في أن تظل الحكاية مجرد لقاءات عبر "شات" أو مجرد قبل مرسومة ، ولم يكن أمام صديقي سوى محاولة وحيدة وهي الزج بي في طريقها لمعرفتها الوثيقة بي ، ولكنه اختار وقتًا كان كابوسيًا بالنسبة ليّ ، ففي هذا الوقت تحديدًا قررت هيلين مفاجأتي بقراراتها المجنونة دوما . لفترة كما يدور في عالم "الشات" الافتراضي ظننت هيلين رجلا يداعب خيالي بصورة أنثى مثيرة ، ولكني ، بعد فترة وخلال صديق مقيم لي في ايطاليا ، وبعنوان منزلها الذي صادف أنه يقع في المنطقة السكنية التي يقيم بها قال لي بعدها إنني وقعت على كنز .. وإنها أنثى بكل ما في الكلمة من معنى ..

الآن علي أن أعود إلى نفسي قليلا ، لأرتب الأفكار كلها ، لأرمي الحياة الافتراضية إلى عالم الواقع لتحاربه ، لأختار لنفسي تلك الشخصية التي رحت أزرعها في عقل هيلين لمدة خمس سنوات ، وكم كان من الصعب أن يحدث هذا بالطبع ،لم أكن مراهقا لأصف لها نفسي بالطويل العريض ، المصري الفرعوني ، كما يحدث في فيلم خائب فهي رأت مئات الصور لي ، وأنا بالمثل أحتفظ بمئات الصور لها على جهازي ، ما زلت مشكلة صديقي وحبيبته العراقية تشغل تفكيري ، وما زال في عقلي يدور وهم خاص بهيلين ، هل يجب أن أنتظرها في المطار اليوم ، وهل سوف أبدو أمامها حقا المصري الطيب الرقيق ، أم أن أنوثتها الطاغية قد تجعلني أفكر أن أخوض معها تجربة خاصة ، لمزج الدماء ، وحتى لا أخيب المصريين في ، وأضرب السياحة كما كان يقولها محمد صبحي في مسرحيته ، هييه أجيبشن هيبوسني هييييه ..

يزيد الخيال المريض من أحلامي؛ ليجعلني مقررًا وحيدًا لأحداث الآخر، الذي يبعد عندي آلاف الكيلومترات ، فهل يتصورون أنني أملك حقّا حلولا جاهزة لكم المشاكل التي يطرحونها حولي ، عالم الشات ما زال مفزعًا وغريبًا ، ينتظرني على بابه بعبع خاص ، فتاة ربيعية سورية حدثتها مرات عديدة عن نفسي لدرجة بدأت أشك بعدها أنها تقرأني ككتاب مفتوح ، وصديق صاحب مجموعة قصصية يصر أن يأخذ رأيي فيها ودوما أخاف أن أقول له إنهم يخدعونك بالتصفيق .. صديق يرسل لي روايته كي أراجعها له ، فتاة ترمي بنفسها في العشق وتزعم أنني الوحيد الذي يستطيع انتشالها ، أبواب ملعونة وغريبة يفرضها واقعي الافتراضي ،برغم أنه لا يفرق كثيرا عن الواقع الحقيقي بكل ملابساته وعجائبيته ، ألزم الصمت مع نفسي بعض الوقت وأقرر ألاّ أفتح الشات اليوم ، فسوف أغلق أبواب هذا الشات للأبد ، كلا من الصعوبة أن أتخلص من الشات بهذه السهولة .. فهناك أطراف كثيرون ارتبطت بهم وارتبطوا بي ، فمن الصعوبة والجبن أن أختفي هكذا لمجرد أن هيلين قررت أن تأتي مصر ، لتأتي هيلين وكل هواجس الغرب ولعناته ، ولكن لن أتخلى عن وحدتي أمام جهازي ، تلك الوحدة التي حاولت أن أتخلى عنها مرة ؛لأكتشف بعدها أنها الشيء الوحيد الحقيقي والذي يدعو للاطمئنان.. صوت صديقي يأتيني في عالم الحلم، لن تعود ليّ أنا واثق، وأكرر له في ثقة غريبة أنها ستعود، وأقول له في حماسة غريبة هل خاب رأيي أو استشارتي من قبل؟!.. يغمغم بلا ، ويزداد ثقته أن صديقته ستعود إليه ، بينما تتزحزح ثقتي في استشاراتي وحياتي نفسها .. هيلين ترمي بأوراقها في الملعب وعليّ أن أكون أنا .. فهل هذا صعب؟!..

ألملم أوراقا مبعثرة أمامي وأستخرج صورة هيلين التي طبعتها منذ مدة ،واحتفظ بها في محفظتي ، لأريها لأصدقائي " متفشخرا" " ومفشخرا" بمعرفتي بها ، وسط ذهولهم وإصرارهم أنني سارقها من شخص أجنبي ، وسط ضحكات كثيرة ، الآن علي أن أقدم لهم هيلين بكل حقيقتها وبكل أنوثتها وعلي أن أقول للجميع : ها أنا ذا فعلتها ، جلبت امرأة أوربية إلى حضن ثقافتي المصرية العريقة ..أنا فحل مصري ...

تضحكنني التصورات الآن وأنا أقف في صالة الانتظار، على شفتي ابتسامة رائقة غريبة، ابتسامة متحفظة..

بعد دقائق قليلة كانت هيلين ترتمي في حضني وتطبع قبلة على خدي ، وأنا أضحك بهسترية غريبة ، كانت أجمل مما تخيلت بمراحل .. هممت أن أخطفها من يدها وأجري ، وأجري ، قبل أن تربت على يدي في نعومة قائلة بلغتها : - انتظر قليلا .. البرت ينهي إجراءات الوصول وسيأتي بالحقائب ..

لا تضحك من فضلك .." من أين ليّ أن أعرف أنها تصحب " البوي فرند" معها ..اللعنة !

قالت زوجتي وهي تربت على كتفي لأنتبه :- هما الاتنين هيناموا مع بعض في أوضة واحدة ..

أجبتها ضاحكا : بالطبع لأ هيلين ستنام معاكي .. وعلي أنا أن أخد البرت في حضني ..

وانطلقت ضحكتي صاخبة في وجه زوجتي التي تعرف أنني مجنون تماما.. بينما ظل سؤال حائر داخلي..

هل أتوقف عن الشات ...