أبدًا لم تكن أنتِ  

Posted by: محمد إبراهيم محروس

أبداً لم تكن أنت ِ..

ألم تكن اللحظات كافية بيننا كي أفهم لماذا اليوم بالذات تعانى من هذه الحالة، ولماذا ترفض الحضور.. علاقتي بها منذ سنوات مستمرة وطبيعية بدرجة كافية، بل ناضجة أكثر من اللازم.. كثيرا ما قلت لها: يجب أن تجنح علاقتنا قليلا إلى الطفولة، فأنت تملكين حثا رائعا، وتملكين طاقة إبداعية خارج الحدود.. تطلعت وقتها للوحة التي رسمتها لها منذ زمن وأجهشت بالبكاء، لسبب لا أعلمه كنت شديد الرفق بها.. حاولت أن أوضح لها أن ذلك الحادث لم يؤثر في علاقتي بها، بل هي تزداد جمالا في عيني يوما عن يوم، ولكنها رفضتْ كلماتي الوجلة، ورفضتْ عباراتي قالت: إنها غير جديرة بالرثاء الآن، بل هي ظل لإنسانة محطمة ،وكلماتي تزيد من حطامها.لم يكن في استطاعتي أن أماطلها أكثر من هذا، ولم يكن عقلي وذكائي يشفعان لديها. فهي تفهمني أكثر من نفسي، بل هي جزء لا يتجزأ من وجداني وشعوري الحسي.. رفضتْ أن تجلس أمامي لأرسمها مرة أخرى رغم كمية التحايل منى ولكنها نظرت إلى وقالت: لا تحاول..وقتها انتبهت لشيء هام في علاقتنا التي امتدت لسنوات أنني لم أقل لها في يوم ما أنني أحبها، بل كنت أتصرف معها بتلقائية نابعة من شعوري نحوها بالامتلاك.. وكم أرهقها هذا الشعور ولكني كنت أحمق، فلا تطلبوا من أحمق أن يبرر لكم أسباب حماقته وإلا أصبحتم أنتم الحم.. أسف أعتذر عن التطاول الغير مقصود، فأنت تعرفين أنني لم أبغ حقا أن أسيء إليك، ولكن الأمر خرج عن سيطرتي لأدواتي وعند لوحة الرسم المعتادة.. أتسمحين أن تخلعي هذا الإيشارب عن وجهك، فإنني أريد أن أرى ملامحك واضحة.. تصوري رغم كل هذه السنوات لم أحفظ ملامحك بعد.. ورغم فوز لوحتي التي رسمتها لك بالجائزة الأولى، ولكن دائما ما تأتى ملامحك غامضة، وكأني أراها من خلف شبورة من الضباب الكثيف.. أسف أزعجك معي دوماً.. فهل تخلعين الإيشارب الآن؟..ماذا كان حالنا الآن؟.. وماذا كان حالنا منذ زمن؟..فأنتِ دوماً الظل الحقيقي لجسدي.. هل تتذكرين يوم أن قابلتك لأول مرة ،يومها أظن أنني انتبهت لملامحك جيدا، بل رأيت فيك الصورة الكاملة لفتاة عاقلة، وفوق هذا موديل جميل أستطيع أن أرسمه لسنوات دون ملل.. قال مراد يومها: موديل جميل هل تبغي حقا أن تكون لوحتك القادمة عنها؟.. ولكن احذر لا وجود للموديل العاري الآن.. أنها موضة قد انتهي وقتها، ولا أظن لمثلها أن تخلع ملابسها أمامك مهما حدث..لم يكن مراد يعرف المستقبل ولم يكن من المتنبئين، ولكنه أدرك طبيعتك منذ أول نظرة تلك الطبيعة التي لم أفهمها أنا رغم مرور سنوات على علاقتنا.. حينما أردتُ أن تتعرى أمامي، رفضتِ بشدة رفضتِ لدرجة أنني تخيلتُ أنى طلبتُ منك المستحيل، ولكن تلك الورقة وتلك الاحتفالية الغريبة التي أصررتِ عليها، وتلك الشكلية العجيبة من الارتباط بمجرد ورقة عند شخص معمم هي من أعطتك الإذن كي تتعرى أمامي، نعم تلك الصورة الغريبة التي لم أجد لها مبررا داخلي سوى أنني أردتُ امتلاكك، وكنت أنتِ شديدة الحرص على إرضائي بعدها.. مستحيل أن يكون هذا هو تفكيرك، وأنت خريجة الجامعة الأمريكية وأستاذة في علوم اللغة، كيف لم أفهمك ؟!..وكيف لم أفهم حجم علاقتنا بتلك الورقة؟! .لم يكن يوم زفافنا يوما عادياً.. أتذكرين؟.. بل أنتِ وقفتِ تنظرين إلى في وجل، ونظرات الخجل واحمرار خديك يفوق الوصف، لم يدر بذهني وقتها أن خريجة الجامعات التي تدرس اللغة تكون بهذا الخفر.. ساعات طويلة انتظرتِ منى أن أقوم بأي فعل تجاهك، فعل مشروع في ليلة كهذه، ولكنني كنت أنظر إلى ما أبعد، أنظر إلى خلاياك وجسدك الذي أريده أن ينطبع الآن على تلك اللوحة البيضاء، وعندما أمرتك بخلع ملابسك دهشتِ، بل دهشتك كانت غامضة بالنسبة لي، لماذا ؟! ألم يكن شرطك لتتعرى أمامي هو هذه الورقة وهذا الاحتفال؟!..همستِ وقتها في خفوت: هنا..نعم كنت أريد أن تخلعي ملابسك عنك هنا في الصالة، أكان لابد من غرفة نوم حتى أرى جسدك؟ ، لا هنا في الصالة، ارتجف جسدك بشدة وأنا أخلع عنك ملابسك بهدوء وآدمية، كنت إنسانا ،أتذكرين؟.. لست ساعات وأنتِ تقفين أمامي عارية في الصالة ليلة زفافنا لأرسمك، لا تقولوا إنني مجنون بل كنت أريدها، أريد تفاصيل الجسد الذي أخفته عنى، ذلك الجسد الذي عشقته بجنون، عشقت كل ثناياه، عشقت نتف الزغب الخفيف من الشعر الذي لم تنجح الماشطة ناجحا كاملا في أن تخليصك منه ليلة زفافك، عشقت كل جسدك الحي، الذي وهبه لك الله، وماذا في هذا؟! .. كنت مجنونا، ليكن، ولكن كانت ارتجافتك تعطيني الحياة، وأنا أواصل رسمك بدقة متناهية.. ست ساعات ليلة زفافك تقفي أمامي أنا زوجك كما تقول تلك القسيمة التي تحتفظين بها للزمن، هل بالفعل عذبتك؟!.. هل بالفعل كانت تلك الساعات الست هي أقسى لحظات حياتك ألماً؟!.. لماذا لم تنطقي وقتها؟ لماذا لم تقاومي جشعي لهذا الجسد الذي هو أنت، مازال لديك القسيمة ومازال لدى اللوحة الأولى لك، بعد هذه الفترة وهذا الزمن ورغم كل اللوحات التي رسمتها لك لم أفهمك، وظلت صورتك كأنها ذكرى تأتى إلى من ماض بعيد.. اللعنة .. لماذا تعترضين هذه المرة ولماذا تهجريني..أبعد كل هذه السنوات تهجرينني اللعنة.. أكل هذا من أجل مساحيق التجميل ومن أجل هذا الطبيب الغبي الذي قال لك:إن ما حدث لوجهك هو من تأثير كثرة المساحيق التي كنت أطلب منك وضعها أثناء رسمك..أتصدقين هذا، لوحتك فائزة عزيزتي.. لماذا هذا الرفض الذي بداخلك، أتقولين:إنني عريتك أمامي، وأمام العالم.. أنني كنت السبب في فضحك أمام الطلبة في الجامعة، لسنوات وعدتك أن أحتفظ بهذه اللوحة الأولى مدة الحياة ولن اعرضها على أحد، ولكني بشر طمعت بالفوز، فكان يجب أن أظهر هذه اللوحة للناس، أنتِ من رفضتِ أن أرسمك عارية مرة أخرى بعد ليلة زفافنا، والمسابقة كانت عن لغة الجسد وماذا كنت أفعل، جسدك هو اللغة الوحيد التي أتقنتها بشدة وجشع.. أنني انتظرك، انتظرك أن تعودي لي ولكنك تصرين على رفضك والآن تطلبين الطلاق.. لماذا ؟!.. لماذا ؟!


This entry was posted on 6:55 م . You can leave a response and follow any responses to this entry through the الاشتراك في: تعليقات الرسالة (Atom) .

1 التعليقات

الأستاذ محمد ابراهيم محروس
قرأت ماكتبته في نادي القلوب الحزينة، لعلي لاأضيف شيئا لصفاتك من ناحية موهبة الكتابة وجمالها ورصانتها ، لكن روح العالم هي التي تحتاج لتوقف، فكويلهو اللعين ترك لنا عبارة روح العال، وكان يعني بها شيئا مختلفا، أما روح الدنيا فهي لفظ شبيه بلفظة كويلهو مع الاختلاف وهو لايصدر عن كائن بسيط كعم عبدالله على ماأتذكر، وتحتاج القصة منك لمجهود أكبر في إزالة هذه اللفظة لأنها زائدة.. أما القصة كلها فرائعة ولايستطيع الكثير من أدباء اليوم المشهورين كتابتها.. أحييك على روح الحميمية والحنان بكتاباتك، وأعتز بصداقتك
خالص محبتي وامتناني
ملحوظة : أدخل على البلوج تسابيح حتى يستطيع الجميع أن يتعرفوا عليك..نح الخجل جانبا
خالص التحية والتقدير لمبدع جديد في المدونات
د.زين عبد الهادي

إرسال تعليق