جمع الشمل  

Posted by: محمد إبراهيم محروس




اجتمع شمل العائلة أخيرًا... سنوات وهو يحاول أن يجمع هذا الشمل ولم يستطع.

أخته الصغرى تعاند وتكابر وتخاصم أخاها الأكبر.. وأخواه يصممان على أنها أخذت أكثر من حقها ... الميراث لعنة أصابت أفراد أسرته ، شتتهم وجعلهم يأكلون من لحم بعض.
استحلوا ما حرمه اللـه (عزّ وجل)... القطيعة كانت قوية... هو الأخ الأوسط. كان الأوسط في كل شيء.. لم يحاول أن يجاذب أخوته أطراف العداء، بل كان وسطًا بين الجميع.. يحاول أن يذلل العقبات وأن يرسم طريقًا محايدًا بينهم.
أتعبته السنون وهو على الحال نفسها لا يمل ولا يكل.

أبواب أخوته لم توصد في وجهه ولكنها أوصدت في وجوه بعضهم ... لماذا ؟
لماذا يصبح الصفح هذه الأيام من المعجزات؟!..

نفسه الحائرة لم تهده إلى حل ما ... ظل لسنوات يحاول إرضاء الجميع يمسك العصا من النصف ... وفي النهاية يظن أنه لم يربح هذه المعركة أيضًا.
فهناك كثير من الغمز واللمز يدور حوله عندما يزور أحدهم، بل بعضهم خاصمه لمدة، ولكن لطيبة قلبه ووداعته عادت المياه إلي مجاريها.

لم تعد بقوة التيار نفسه ، ولكن كان يكفيه أن يشعر بوجوده وسطهم.
أن يضمن أن أبواب شققهم لن تغلق في وجهه...

إنه لم يتزوج.. ولم يفكر في الزواج... وهب حياته لقضية ظنها كثيرون خاسرة وهي محاولة جمع شمل الأسرة.
قرر أن يبني عمارة سكنية عندما ازدهرت أحواله المادية وقرر أن يجمع فيها أفراد أسرته كلهم .. عائلته: أخوته ، وأبناؤهم ، وزوجاتهم... سيجعل تلك العمارة بيت العائلة... المكان الذي يلوذ فيه الجميع.. سيضمن الآن وجودهم بجواره باستمرار.. لن يغفل عنهم لحظة واحدة... لن يترك أي شيء يعكر صفو الحياة في بيت العائلة... أشياء كثيرة دارت بخلده وخياله وقتها... خطط.. رسمها على الورق قبل أن يرتفع الدور الأول في عمارته... ضحك أخواه عندما أخبرهما بفكرته... أحدهما تمتم أمامه بكلمة : مجنون ...

نعم لم يسمعها صراحة ولكنه أدرك أن ذلك ما دار بخاطره .. ليكن مجنونا .... مجنونا ، ولكنه يحلم ببيت العائلة.. يحلم بالحياة وسط أسرته المفقودة في زمن فقد فيه كل شيء.. أليس ذلك من حقه ؟
أولاد أخوته يحبونه ، هو يشعر بذلك... يلتفون حوله ويطلبون منه يحكي لهم حكايات... وحكى ... وحكى كثيرًا وكثيرًا ... الأولاد يكبرون.. والحال كما هي ... لا تتغير.. يا لها من خسارة فادحة !!! ... الابتعاد.. لم يحاول يومًا أن يبتعد.
ولكنه الآن وهو يمضي ظن أنه نجح أخيرًا في جمع الشمل ولكن ما يزعجه حقًا ذلك الصراخ والبكاء من حوله. وأخته التي تلطم خدودها وتولول عليه من دون داع ...
وروحه تسبح في موج ناعم هادئ... إنه ذاهب إلى هناك... حيث يرغب ويحب... حيثُ يلقى اللـه تعالى ... ربما هناك يجتمع شمل العائلة مرة أخرى

نشرت في

الأهرام المسائي وأفاق عربية





This entry was posted on 9:49 م . You can leave a response and follow any responses to this entry through the الاشتراك في: تعليقات الرسالة (Atom) .

15 التعليقات

يبدو أنك اتجهت بعض الشيء للقصص المليئة بالأحساس المرهف الجميل الذي يضحي بكل شيء في سبيل ارضاء شعورة الداخلي الطيب

تقبل تحياتي

كان يسبح عكس التيار
ألم يكن يعلم أنه في الدنيا

أعتقد أن بالقصة قدر من التصوف
وكأني اسمع موسيقى راجح داوود بين السطور

تحياتي

أزيك يا دكتور عمرو
نورت المدونة يا جميل
الحقيقة القصص ده
قديمة من سنين
عندما كنت أنشر في الجرائد قبل مقاطعتي
للجرائد
يعني معظمها من 2002 و2003
واضح أن أيامها كان الواحد صاف للدنيا
خالص تحياتي لمرورك العطر
وخالص التحايا
الف شكر يا دكتور

عارفة ومش عارف ليه
مداخلاتك تسعدني جدا
ووجودك في مدونتي اصبح
له طعم خاص
الف الف شكر
لرقيق شعورك
ولكلماتك الرقيقة
وخالص تحياتي ومودتي
وخالص التحايا

شفت بأه بعد المحاولات العديدة مفيش حل
المكان الوحيد الي لازم يتلم الشمل فيه هو هناك كما اسميته انت بس تفتكر ان لو الشمل اتلم هناك هيكون ليه لزمه ولا هيبقي لم شمل له طابع العقاب ان جاز التعبير؟
واسمحلي اقتبس جزء من اغنية منير
بعد ما لف وبعد مادار
بعد ما هدا وبعد ما ثار
بعد ما داب واشتاق واحتار
عمل ايه؟ سؤال يطرح نفسة
تحياتي لحسك المرهف سواء بأه قديم او جديد بس الانسان مبيتغيرش يامعلم

اهلا بالصديق العزيز
شادي اصلان
فعلا يا صديقي مفيش حل
وفعلا هي مقفلة ضبة ومفتاح
صدقني الاحساس المرهف الذي تحسه
قديتحول إلى جحيم نفسي قريب
وقد تتحول المدونة هذه إلى شىء بغيض
لايقربها أحد
دعواتك يا أخي فأنني أمر بازمة نفسية قد تقضي علي
وقد تضيع البقية الباقية من عقلي
دعواتك بجد
معندكش فرصة نشر أو شغل في الدستور سلف هههههههههههه
خالص تحياتي يا جميل
دمت بكل محبة وخير

ربنا معاك ودايما بتعدي الازمات بس انت سيبها علي الله
اما بقي بالنسبة للدستور فياريت الواحد ينتمي للكيان دا بشكل رسمي

كلماتك جميله
بشكل يعجزنى عن التعليق


اصارع تفسى حتى لا اسألك مرارا عن الاصدار واخباره

ربنا يقدرلك الخير ويكرمك

بيت العائله أصبح الان مرادفا للمشاكل والصراعات ... بعد ان كان مثالا للحب والموده والرحمه .. ومن قال انه مجنون .. انه العاقل الوحيد حيث انه سيلقى الله تعالى وسينعم بجنه الخلد حيث أفنى ماله وحياته من أجل صله الرحم التى أوصانا الله ورسوله (ص) بها . واخيرا انا سعدت بمرورى هنا واتمنى لك المزيد من النجاح والتقدم

يعنى حتى حلمه مش اتحقق قبل موته
مش عارفه دى امنيه مستحيله يعنى ولا ايه
اد كدا المال ممكن يفرق شمل اخوات -- لحم ودم بعض --
ملعون المال اكيد
صعب جدا يظل حلم ما يراود انسا ويفعل المستحيل علشانم يحققه ولا يراه ابدا

قصتك واقعيه جدا
سلمت

عزيزتي dodda
الف الف شكر لك
صدقيني أنا ابضا أصارع نفسي حتى لا اسال الناشر هو أتاخر ليه كدة مفروض كانت تصدر من أسبوعين .. بس إن شاء الله يكون صدورها هذا الاسبوع
خالص تحياتي

الف شكر عزيزي Khaled
سعيد جدا بكلماتك ومرورك
وسعيد بتعليقك
الف الف شكر لك
اتمني دائما أن يعجبك ما أكتب خالص تحياتي

الف شكر يا عزيزتي بسنت على مرورك
وبالعل المال يقلب كثيرا من الموازين
طبيعة النفس البشرية بكل غموضها وحيرتها
سعيد للغاية بكلماتك
خاص تحياتي وشكري
وخالص التحايا

هذه زيارتي الأولي لمدونتك
ورغم أنك تقول إنها قصة قديمة إلا انها اعجبتني ايضا .
الموضوع الذي تطرقت إليه كثير الشيوع ، خاصة في القري ن صديقي ، مفيش فايدة ، صددقني .
لكل منا حياته ولا يمكن ربط حياتنا بحياة اخواتنا وأهلنا وعائلتنا . العائلة يلم شملها عندما يحب كل منهم الآخر ، وذلك لا يتحقق إلا بالبعد المكاني.

الف شكر عزيزي أحمد عبد اللطيف
شرفت المدونة بزيارتك
والحمد لله أن راق لك العمل

خالص تحياتي ومودتي
وخالص التحايا

إرسال تعليق