لم يأت المساء.  

Posted by: محمد إبراهيم محروس


السؤل الذي كاد يجن بسببه؛ستة أشهر كاملة،وهو يحاول أن يفهم لماذا لم يأت المساء.
قالوا:هكذا هي حالتنا..ليل دائم..ونهار مستمر ..ألا يعجبك هذا؟
لم يستطع الإجابة، وربما بلع سؤلهم إياه على مضض ،ولكنه صمم بداخله أن على الدنيا أن تظلم ،عليها أن تريه القمر ولو مرة واحدة بعد ستة أشهر غياب .
عندما اقتحموا منزله واقتادوه أمامهم إلى ذلك العالم المضيء لم يكن يظن إن غيبته ستطول ..فهو لم يتكلم يوما في السياسة ولا يشاهد كرة القدم ..ولا يحفل بأي شيء في الحياة..لا يهتم في حياته سوى ببعض الأزهار الجميلة التي تتراص في أصصها على شرفة منزله..لذا لم يكن يظن أنهم سيأخذونه هو..هو بالذات.. أكيد أخطأوا الشخص المطلوب.
ولكن ألم تكن الستة أشهر الماضية كافية؛ ليعترفوا بذلك الخطأ..ولماذا دائما غرفته مضاءة بأنوار شديدة..الضوء يكاد يحرق عينيه ..حاول كثيرًا أن يعطل تلك الأضواء وفشل...تمنى الليل كثيرًا ،ولكن لا مناص.حكم عليه أن يعيش تلك الفترة في نهار دائم..أتعبه كثرة السهر..لا يستطيع أن ينام في الضوء..سقط كثيرا مغشيا عليه..لم يرحموه.
اليوم قال له المحقق :إنهم سيفرجون عنه، ولكن يجب أن يحترس بعد ذلك.
وأفرج عنه؛غادر المكان صباحًا ؛كأنهم يعاقبونه بضوء النهار مرة أخرى.دلف إلى شقته.
أخرج الزهور من أصصها..كانت في حالة رائعة فجارته كانت ترعاها عبر الشرفة ،وتبللها بالماء أثناء غيابه..قذف بالأصص إلى الشارع ..ثم رمى بالزهور إلى الأرض وداسها بقدمه، وهو يتذكر كلام المحقق عندما قال له:لا تحاول أن تزرع زهورا مرة أخرى..وإذا زرعتها لا تجعلها أمام الناس، وإلا ستة أشهر أخرى في الظلام خلاف الستة أشهر الفائتة ..ولكن احذر إذا دخلت مرة أخرى إلينا ستتمنى النور ولو لثانية واحدة..حذار.
نظر إلى الزهور تحت قدميه ..ثم بصق..وارتمى بجانبها على الأرض وقد أظلمت الدنيا من حوله..ولم يأت المساء
نشرت في
أفاق عربية...وأخبار الأدب


This entry was posted on 9:52 ص . You can leave a response and follow any responses to this entry through the الاشتراك في: تعليقات الرسالة (Atom) .

8 التعليقات

هل أصبح من الحلم أن يأتي مساء السكينة والإطمئنان وأن يهدأ جفنك ؟

عارف فكرتني بفيلم خلطبيطة بتاع محمود عبدالعزيز لما فضل يفتش في دماغه هم مسكوه ليه لحد ما افتكر انه في اعدادي كتب موضوع تعبير بيهاجم فيه نابليون بونابرت وقال يكون دا هو السبب

جميل أووي البوست

تحياتي

الاستاذ الصديق / محمد محروس

كعهدي بك دوماً
أنت كاتب غير تقليدي أبداً
لديك أفكار غريبة جديدة طوال الخط
اللهم لا حسد
:)
لن اتكلم عن جمال أسلوب السرد لأنك تعرف رأيي
فكرة التعذيب تلك أول مره أسمع عنها لكنها حقاً قاتلة
الأضاءة المستمرة القاسية المرهقة أو الظلام الدامس المرهق المستمر
ومن هنا سنعرف ما يغيب عنا دوما
( رحمة الله بخلقه )
إذ يقلب الليل والنهار بالتدريج
من اشراق لصباح لظهر لغروب لليل
ما أعظم رحمة الله بعبادة وإلا كان عذابنا لا يوصف

لكن
تعليق استوقفني
ماذا عنيت بزراعة الزهور هنا ؟؟؟؟؟

عارفة
مش عارف ليه
شرفتي المدونة عزيزتي
الف شكر لكلماتك
وأحيانا من الحلم أن ننام
الف الف شكر
وافتكرت الفيلم حلو فعلا الفيلم ده
خالص تحياتي وشكري لمرورك العذب وخالص التحايا

عزيزتي الرقيقة فاطمة
دوما مجاملة
ودوما ردودك تسعدني
وحشني وجودك جدا في أعمالي
ووحشتني الكتابة نفسها
شكرا لك أختي الفاضلة العزيزة جدا
الف شكر يا فطومة
الف الف شكر
خالص مودتي
وشكري
بالنسبة للزهور
حتى لو الأمل ضعيف بزراعة وردة
فبرضه بيلاقي اللي يقتله
وأحيانا يكون الزارع والقاتل شخص واحد
خالص مودتي وشكري

لا لا حلوة أوي يا عمنا :)

رائعة في كل جزئية بها خاصة النهاية
بالتوفيق

الف شكر عزيزي
احمد منتصر سعيد لمرورك
خالص تحياتي

صمت المكان
اسعدني ردك ومرورك
خالص تحياتي وشكري

إرسال تعليق