آدم ...  

Posted by: محمد إبراهيم محروس

آدم ...


الوحدة ذلك الشعور القاسي الذي يشملني ، لا يفصلني عن الواقع سوى التفكير فيه .


أشعر برغبة ملحة في فعل جنوني ، أذهب للمطبخ ، أضع البراد على النار ، أعود لجهاز الكمبيوتر


الذي يجعلني أكثر وحدة ، أمرر عينيّ على بعض صفح الإنترنت ، أتجول سريعا ، يصيبني الملل .. أكرر بيني وبين نفسي أنني مجنون .. أعود للمطبخ ، أصب كوب الشاي ، وأعود مرة أخرى لوحدتي .


أقرر أن أفعل شيئا خاصا ، لا أدرك طبيعته ، أتساءل بيني وبين نفسي هل أصبحت مدمنا للانترنت؟!!


أرمي هاجس الإدمان جانبا ؛فكم ندمن من أشياء تجعل حياتنا جحيما !


أقرر أن أعمل حسابا خاصا لي على الياهو باسم مستعار ، أدخل غرف محادثات الياهو ، تنط في


وجهي عدة رغبات ملحة من أشخاص رغبة في التعارف ، أرفض المحادثات أو معظمها وأغلق


الشاشات التي تقفز في وجهي باستمرار بعبارة واحدة مكررة .. ممكن نتعرف؟ ..


أتأمل دخان سيجارتي ، فجأة تأتيني رغبة في المحادثة ، يأتيني اسمه.. آدم ..


نتعرف ؟ .. أجيبه ولما لا ..


تمضي بي ساعات وأنا وآدم نتحاور نتناقش يصمم أن يعرف اسمي ، وأكرر أنا لا يهم الاسم .. يجذبه غموضي ..


تأخذني ساعات الشات لكثير من الحوارات المفتوحة والأسرار التي لن أحكيها لأحد من قبل .. فآدم


شخصية جذابة ولكنها خيالية ، يفصلني عنه شوارع وبيوت وأجهزة بلا حصر ، وشبكة عنكبوتية تمتلئ


بالملايين .. أحدث آدم كأنني أحدث نفسي ، يوم يمر ، ثم آخر ، ومحادثاتي مع آدم لا تنتهي ..


أشعر برغبة ملحة في احتضان آدم ، فهو أصبح يفهمني أكثر من نفسي ، ما زال اسمي غير معروف له


، وبالتأكيد هو ليس بآدم وأنا لست بأنا ، كلانا مزيف .. تنتابني رغبة ملحة في إدهاش آدم .أخبره بأشياء


تجعله يظن أنني شخصية أسطورية ، يحكي لي قصص حقيقية أو ملفقة عن زوجته وعن أهلها ، وعن


أسباب طلاقه ، أحكي له عن وحدتي بالمثل ، وعن رغبتي المستمرة في الحكي ، نطوف مناطق بشرية


غير مأهولة ومأهولة ، نغرب ونشرق .. تجذبني اللعبة أكثر .. يريد أن يسمع صوتي .. أرفض ..

هناك هاجس خاص ألا يتخطى آدم معي أكثر من هذا ..


اليوم تتغير رغبتي ، أعلن لآدم عن أنني سوف أمسح اميله ، وأنسى كل محادثاتي معه .. يرفض يصر


على أننا أصدقاء .. أخبره بصراحة أننا شخصيات وهمية .. وأنني أصبحت أشتاق لوحدتي ، ولجهازي


الذي أظل أحدق فيه لساعات في شاشة لا تنقل لي أي جديد ، ولكني قبل أن أذهب أبهره أكثر بقصيدة


شعر ألفتها له .. لآدم الذي لا أعرفه .. أرفض كل توسلاته لكي نظل أصدقاء ..


أضغط زر دليت وأنهي تلك الصداقة المزعومة ..


أعود لوحدتي .. بعد أيام أتحسر على تلك الحالة التي فقدتها مع آدم .. أتحسر أنني لم أحفظ أميله


الشخصي .. أحاول أن أتذكره دون فائدة .. أخرج للحياة الحقيقية ، أجد عيني تبحث في وجوه الجميع عنه ..


أدخل غرف الشات لساعات ربما أتعثر به ، ولكنني للآن لم أعثر عليه ، وتنتابني غصة كل يوم مع غلق


جهازي .. وحلم آخر يلفني أن أجد آدم في يوم ما ..



This entry was posted on 9:08 م . You can leave a response and follow any responses to this entry through the الاشتراك في: تعليقات الرسالة (Atom) .

1 التعليقات

محمد
رائعة جدا
عجبتني بجد
طيب هو ده حال كثير من الناس اللي الزحمة والوحدة واخداهم مع بعض
تحياتي

إرسال تعليق