آدم ...  

Posted by: محمد إبراهيم محروس

آدم ...


الوحدة ذلك الشعور القاسي الذي يشملني ، لا يفصلني عن الواقع سوى التفكير فيه .


أشعر برغبة ملحة في فعل جنوني ، أذهب للمطبخ ، أضع البراد على النار ، أعود لجهاز الكمبيوتر


الذي يجعلني أكثر وحدة ، أمرر عينيّ على بعض صفح الإنترنت ، أتجول سريعا ، يصيبني الملل .. أكرر بيني وبين نفسي أنني مجنون .. أعود للمطبخ ، أصب كوب الشاي ، وأعود مرة أخرى لوحدتي .


أقرر أن أفعل شيئا خاصا ، لا أدرك طبيعته ، أتساءل بيني وبين نفسي هل أصبحت مدمنا للانترنت؟!!


أرمي هاجس الإدمان جانبا ؛فكم ندمن من أشياء تجعل حياتنا جحيما !


أقرر أن أعمل حسابا خاصا لي على الياهو باسم مستعار ، أدخل غرف محادثات الياهو ، تنط في


وجهي عدة رغبات ملحة من أشخاص رغبة في التعارف ، أرفض المحادثات أو معظمها وأغلق


الشاشات التي تقفز في وجهي باستمرار بعبارة واحدة مكررة .. ممكن نتعرف؟ ..


أتأمل دخان سيجارتي ، فجأة تأتيني رغبة في المحادثة ، يأتيني اسمه.. آدم ..


نتعرف ؟ .. أجيبه ولما لا ..


تمضي بي ساعات وأنا وآدم نتحاور نتناقش يصمم أن يعرف اسمي ، وأكرر أنا لا يهم الاسم .. يجذبه غموضي ..


تأخذني ساعات الشات لكثير من الحوارات المفتوحة والأسرار التي لن أحكيها لأحد من قبل .. فآدم


شخصية جذابة ولكنها خيالية ، يفصلني عنه شوارع وبيوت وأجهزة بلا حصر ، وشبكة عنكبوتية تمتلئ


بالملايين .. أحدث آدم كأنني أحدث نفسي ، يوم يمر ، ثم آخر ، ومحادثاتي مع آدم لا تنتهي ..


أشعر برغبة ملحة في احتضان آدم ، فهو أصبح يفهمني أكثر من نفسي ، ما زال اسمي غير معروف له


، وبالتأكيد هو ليس بآدم وأنا لست بأنا ، كلانا مزيف .. تنتابني رغبة ملحة في إدهاش آدم .أخبره بأشياء


تجعله يظن أنني شخصية أسطورية ، يحكي لي قصص حقيقية أو ملفقة عن زوجته وعن أهلها ، وعن


أسباب طلاقه ، أحكي له عن وحدتي بالمثل ، وعن رغبتي المستمرة في الحكي ، نطوف مناطق بشرية


غير مأهولة ومأهولة ، نغرب ونشرق .. تجذبني اللعبة أكثر .. يريد أن يسمع صوتي .. أرفض ..

هناك هاجس خاص ألا يتخطى آدم معي أكثر من هذا ..


اليوم تتغير رغبتي ، أعلن لآدم عن أنني سوف أمسح اميله ، وأنسى كل محادثاتي معه .. يرفض يصر


على أننا أصدقاء .. أخبره بصراحة أننا شخصيات وهمية .. وأنني أصبحت أشتاق لوحدتي ، ولجهازي


الذي أظل أحدق فيه لساعات في شاشة لا تنقل لي أي جديد ، ولكني قبل أن أذهب أبهره أكثر بقصيدة


شعر ألفتها له .. لآدم الذي لا أعرفه .. أرفض كل توسلاته لكي نظل أصدقاء ..


أضغط زر دليت وأنهي تلك الصداقة المزعومة ..


أعود لوحدتي .. بعد أيام أتحسر على تلك الحالة التي فقدتها مع آدم .. أتحسر أنني لم أحفظ أميله


الشخصي .. أحاول أن أتذكره دون فائدة .. أخرج للحياة الحقيقية ، أجد عيني تبحث في وجوه الجميع عنه ..


أدخل غرف الشات لساعات ربما أتعثر به ، ولكنني للآن لم أعثر عليه ، وتنتابني غصة كل يوم مع غلق


جهازي .. وحلم آخر يلفني أن أجد آدم في يوم ما ..



اعتزال بائع الروبا بيكيا ..  

Posted by: محمد إبراهيم محروس

اعتزال بائع الروبابيكيا

تنتابني حالة من الهدوء لرؤيتها ، ملامحها الطفولية ، ابتسامتها العذبة ، الشفتان المكتنزتان عن صفين من الأسنان التي تعتني بهما اعتناء خاصا ، فتشعر بصفاء الضحكة ولمعانها ، أرى وميض عينيها لثوان قبل أن أبتسم في وجهها :- عاملة إيه يا حبيبة ..

تضحك فتتسع ابتسامتها : كويسة ..

حبيبة إحدى بنتين لعم أحمد الشامي ، الأخرى سماح .

البنتان لديهما ما يشبه الإعاقة الذهنية .

حبيبة هي التي تجلب لي السعادة بطريقة ما ، وهي تحمل أشياء في يديها عندما يمر بائع الروبابيكيا / ضاحكة وأنا أقول لها : إيه اللي شيلاه دا ..

- دا الخلاط بتاعنا هبيعه ، تشتري..

- ها ها ها .. وهتبيعيه ليه ، مش شغال .

- شغال بس هبيعه .

يقلب بائع الروبابيكيا في الأشياء ، ويدفع الثمن الذي تحدده ، والذي يعرف أنني سأدفع له ضعفه لأنه عادة لا يزيد عن ثلاثة جنيهات كل مرة .

وكأنني مشترك مع بائع الروبابيكيا وحبيبة في لعبة لا تنتهي ، هو يشتري أشياءها ،وأنا أشتريها منه ، ثم أعيدها لعم أحمد عندما يعود من شغله مكدودا ، مشغول البال على البنتين ..

التي تضحك دائما ، لا تشرب الماء ..تقول إنه ملوث.

التي تضحك دائما ، تدمن الكولا .

التي تضحك دائما ، جسد امرأة وعقل طفلة .

التي تضحك دائما تبيع أطقم المطبخ بصورة شبه يومية .

التي تضحك دائما تتخانق معي ، عندما أعيد الأشياء لعم أحمد .

التي تضحك دائما ، تقول : إنني عبيط ومش فاهم .

التي تضحك دائما ، تجمع كل مجلات سماح لتبيعها .

التي تضحك دائما .. نضحك عليها أنا وبائع الروبابيكيا .

حبيبة التي تضحك دائما ، تغضب مني لأنني أعيد لأبيها الطبق البلاستيك الكبير المخصص للغسيل وهي تقول : إنها شافت فيه صرصار .

أصالحها أحيانا بزجاجة كولا ..

حبيبة التي تضحك دائما ، جاءتني باكية اليوم ، قالت : إن عم أحمد مش عايز يصحى .

أتساءل ، تجيبني :فاتح بقه ومش بيرد علي ، وبديله صفار البيضة مش عايز يبلعه .

يركبني الفزع ، أجري ، أخبط على جارتها لتأتي معي ، أدخل لعم أحمد غرفته ، أحدق في عينيه المفتوحتين ، أتذكر قلقه وكلامه وخوفه على البنتين ، وكلامي معه إنه زمن لا يرحم !

أتذكر سفر سماح مع خالتها من أسبوعين ، ورفض حبيبة للسفر ، أتذكر كل هذا ، وأنا ألمح جلال الموت يطل من عيني عم أحمد ..

أطلب من حبيبة نوتة التليفونات ، أتصل بمعارف عم أحمد ، أنتظر بجواره ، أحلم بأشياء مستحيلة ، أن ترد له الروح ، ليقف ويتحرك ليحضنني وأحضنه .

حبيبة تقف فاغرة الفم ، تمسك البيضة تنتظر أن يفيق ، ليفتح فمه ليأكل .

تهرب الساعات ، أحضر الغسل ، ترانا حبيبة نجهز الكفن ، تذهب بعقلها لتودع عم أحمد في مكان بعيد عن أحلام البشر .

التي كانت تضحك دائما ، جف وجهها وهي تعطي لي البيضة التي ظلت تمسكها بيدها طوال النهار .

حبيبة التي كانت تضحك دائما ، أراها اليوم تجلس أمام بيتها تحتضن طبق الغسيل البلاستيك ، الذي كانت تنقل لنا به الماء أثناء غُسل أبيها ..أسألها : عايزة تبيعيه .

تنهمر الدموع من عينيها وهي تحتضن الطبق بخوف رهيب ..

التي كانت تضحك دائما ، لم تعد تكلمني وتتهمني بأنني سرقت أباها وأخفيته ..

حبيبة التي كانت تضحك دائما خاصمتني للأبد .. ولم أعد أرى بائع الروبابيكيا .


أيام خريفية !!  

Posted by: محمد إبراهيم محروس



منذ فترة أعيش في حالة خمول ، أشعر بأن كل شيء في الحياة قد توقف ودون سبب ، مما أعطاني إحساسا خاصا بالانعزال عن البشر ؛فجأة جاءتني مكالمته لتخرجني من حالتي تلك ، جاء صوته دافئا وهو يقول :-

رأيتها اليوم ، وجدتها ..

استمعت إليه دون أن أصغي تقريبا سوى لوشيش سماعة التليفون ، الذي حاولت إصلاحه منذ فترة وفشلت .. ولكني قلت :- والمطلوب ؟!.

قال من وسط فرحته :- أن تأتي معي إليها ..

حاولت أن أتحجج له بانشغالي في رواية كبيرة أطمح في كتابتها منذ سنوات ، ولكنه ضرب على وتر الأخوة والأحاسيس ، والحب ، والصداقة .. كان يكفيني جنوني عن جنونه ،ولكني قررت النزول ..

كان إحساس الخريف ما يزال يتقمصني ، وأوراق حياتي تمضي إلى هواء راكد يحاول أن يعبث بها بلا جدوى ..

لم تمر ربع ساعة حتى جاءني رنين هاتفي المحمول ، ليخبرني أنه بانتظاري أسفل العمارة ، نزلت.

وجدته واقفا مبتسما يركن بيده على باب سيارته وهو يدعوني أن أدلف إليها سريعا ، وسرعان ما راحت السيارة تقطع شوارع المدينة .. وكانت كلماته تصل إلى وأنا أهزّ رأسي محاولا أن أعيش معه لحظات سعادته ..

- لن تصدق .. أسبوع وأنا أتردد على مكانها ، أنظر إليها من بعيد ، أقترب وأبعد ، أحاول وأتراجع ..

أهز رأسي فيواصل .

_____ ولكنك معي بالتأكيد ؟

أنظر للشوارع التي تختلف في عيني ، والأضواء التي تتراقص متعامدة ، وأميل برأسي وأنا أهمم ..

وهو يكمل ..

- لن تصدق فرحتي بتلك اللحظة عندما وجدتها ، ستة شهور كاملة وأنا أبحث عنها ، لم تتغير في عيني ، وكأني أراها يومها ..

مجنون يسحبني معه ، وأنا أشد جنونًا منه كي أجاريه ..توقفنا بعدة فترة أمام عمارة ضخمة في وسط البلد ، قال :- هنا وجدتها .. هل ما زالت نظرتك لها لم تتغير ..

بلعت ريقي وأنا أقول :- وهل هناك جديد حدث لكي أغير رأيي فيها ؟!..

أشاح بوجهه ونحن نقترب من العمارة وهو يقول :- ولكنك تعرف بالطبع كم تعذبت كي أراها مرة أخري بعدما سافرت ..

أمسكت يده بعنف وأنا أقول :- ماذا تريد مني الآن يا محمد ؟؟

سحب يده وهو يقول :- لا شيء ستدخل معي فقط كي تشجعني ..

كززت على أسناني وأنا أقول :- ألم يقل لك أحد أنك مجنون !

ضحك بعصبية وهو يقول :- كثيرون غيرك قالوها .. ولكني لم أصدقهم بالتأكيد !

قلت وأنا أرى واجهة زجاجية أمامنا بها مئات الصور :- ها أنا أقولها لك مرة أخرى أنت مجنون ، لنرجع .

قال في اقتضاب :- كلا .. ليس الآن ..

أخذت نفسا عميقا وأنا أزفر كلماتي :- خانتك يا صديقي من قبل ، خانتك يوم أن أعطتك جسدها دون زواج وخانتك يوم أن سافرت ، هي عاهرة ، وأنت مجنون ..

غامت عيناه وهو يقول بعصبية :- كلا .. حرام عليك .. انظر ها هي ..

قلت وأنا أتراجع للوراء :- أنت مجنون ..

كان أمامنا خلف الواجهة الزجاجية صورة لها في ثوب زفافها بجانبها ذلك الشيخ العربي الذي أشتراها بفلوسه ، وكانت عيناها واسعتين وثوب الزفاف يظهرها ملاكا يكاد يطير ..

قلت بعد وهلة أحاول فيها استعادة رباط جأشي :- أهذا ما جاءنا لأجله .. يا محمد لنذهب..

قال وعيناه تكادان تخترقان الواجهة :- ولكني أريد هذه الصورة .. من فضلك ساعدني ..

_______ وكيف سنحصل عليها ..

______ سنشتريها من المصور .. بالتأكيد سيوافق .. سنشتريها بأي سعر ..

لم يمهلني وهو يسحب يدي لندخل للمحل ، كانت وجهة نظرنا متعارضة تماما مع المصور الذي رفض أن يعطينا الصورة ، ورفض أن يبعنا إياها ، حاولت إقناع المصور باختراع الأكاذيب التي تبدو مبررة ، بحجة أننا أقرباء لها وصور زفافها ضاعت ونريد نسخة منها أو الصورة الكبيرة التي في الواجهة ، ولكن المصور رفض وقال لتأتي هي أو زوجها ، فمنظر محمد لم يرحه .. والجنون المنطلق من عينيه جعل المصور يصمم على رأيه ..

غادرنا المحل وأنا أسحبه خلفي مترقبا خريف أيام مضت ، ولكنه لم يمهلني وهو يميل إلى الأرض ويتناول حجرا يقذف به الواجهة التي انبثق صوت تحطيم زجاجها مدويًا ، قبل أن يخترق الزجاج الصورة لتظل هي محدقة فينا وقد تمزق ثوب فرحها ، بينما المصور يمسك في محمد بشدة ، وتعالت حولي الأصوات الصارخة لمئات الصور .....


الكون العكسي .. بالمكتبات..العدد الثالث من سلسلتي  

Posted by: محمد إبراهيم محروس








غبي !!  

Posted by: محمد إبراهيم محروس


ألمح ملامح الخوف التي ترتسم على وجهه ، والذي يطالعني به كل صباح ، بعد نظرة مقرفة مني له ، وهو ينظر باتجاهي في بلاهة ، وعيناه نصف مغمضتين وقد شحب وجهه من طول السهر أدقق في وجهه أكثر ، وأكثر ، بعد لحظة أعود من تلك الغيبوبة النفسية لأدرك أنني انظر لنفسي في المرآة ، أضحك ، لعل وجهي المنعكس يضحك بالمثل ، ولكنه يكتفي بنصف ابتسامة غبية ، وكأنه يستخسر الضحك فيّ ، لتكن أنت وأنا وانعكاس ظلي ، ولأحدثك عن نفسي قليلا ربما يوما ، ربما تطالعني صورة أخرى لي في مرآة حياتي ، التي أصابها التشقق، كل ما أنا يعود ، وكل ما أنا يذهب ، وفي نهاية القصة اكتشف أنني ما زلت غبيا أتطلع لغبي آخر تنعكس صورته أمامي في المرآة .. فلأبصق .

رجل لا تعرفه الشوارع ..  

Posted by: محمد إبراهيم محروس



كان يمشي وكأنه يطارد الأرض والسماء، يرقص بين نفسه وحول نفسه يدور في خيالات متعددة لا أراها.. أحاول أن أجتذب شيئا من وعاء الذاكرة الخربة، أجده هناك منزويا في ركن مرّ عليه تسع سنوات.. إنه هاني ..

هكذا رحت أؤكد لنفسي برغم أن ما يلبسه من ملابس لا يمت بصلة لهاني الذي أعرفه .. فقد كان يرتدي قميصا متسخا بشدة، وبنطلونا شبه ممزق، ويبرز جزء من كرشه الضخم وسط قميصه الذي تمزقت أزراره وبدت بطنه عارية أمامي وكرشه كأنه يناطح العالم.. أردت أن أتوقف.. أن أسير.. ولكنه كان ما يزال يواصل الرقص حول نفسه في حيرته من تحديد اتجاه سيره.. بعد مدة بسيطة وجدت صوته يعلو بهتافات غريبة .. وكلمة " أوعى بقى " بصوت عالي تتردد من بين شفتيه بطريقة جعلتني أشك أنه يقصدني.. هل أقترب؟ .. " أوعى بقى "

لممت خيوط نفسي التي أصبحت هي الأخرى ترقص حوله ، أتذكر هاني وابتسامته الرائقة ، وأتذكره عمه أكبر مقاول في بلدتي الصغيرة، أتذكر هاني وهو يجول شوارع المحافظة بعربته الفارهة ، وعندما يرغب في أين يقطع شوارع السلطان حسين مشيا ؛يركن سيارته بجوار الحزب الوطني ،وينزل هو وزوجته الفرنسية يطوفان شوارع المحافظة محلقين كطائرين من السماء ، تسع سنوات مضت ،ولكنها لم تكن بكل تلك الحيرة التي وجدتها لحظة أن التقت عيناي بعينه وهو يصرخ " أوعى بقى "

وفجأة وكأنه يتذكر شيئا ما وهو يتطلع في ملامحي قبل أن يصرخ :- محمد يخرب بيتك أنت لسة عايش ..

أضحك دون سبب ، ربما لأنه بدا لي أشد ذاكرة مني.. أجبته بصوت فرح :- أهو بنحاول يا هاني .. إزيك ..

يضحك وهو يقول بعنف :- أنا كويس خالص ..

يعدل من وضع قميصه الممزق وهو يقول :- معكش حاجة ..

انتبهت للكلمة وأنا أحاول أن أسايره في الحديث لعلي أعرف أين هو من هاني الذي أعرفه ..

فقلت:- حاجة إيه ؟!

مد يده باتجاه جيب قميصي العلوي وأنا أحاول أن أزيح يده برفق وهو يقول:- أوعى بقى..

قلت في هدوء وأنا أترك له جيب قميصي العلوي؛ ليعبث به كيفما أراد، ولكنه توقف وهو يخرج عشرة جنيهات وعلبة السجائر من جيبي قميصي العلوي وهو يقول: بتشرب مستورد.. رايقة معاك باين ..

أضحك وأنا أقول له :- خلي ..

يضع علبة السجائر في جيبه وهو يقول :- طيب ..

أردت أن أساله كيف وصل به الحال لهذه الدرجة ؟!،ولكنه لم يعطني الفرصة وهو يقول :- مش إيمان هربت ..

قلت وأنا أحاول الغوص خلف عينه التي بدت لي شديدة الاتساع : - إيمان مين ؟

يخرج علبه السجائر من جيبه ، ويقدم سيجارة لي وهو يقول :- ولع .. عشان تعرف أن خيري عليك..

ابتسم وأقول :- عارف طول عمرك خيرك على الكل .. بس مقلتش إيمان مين ..

أشعل سيجارة لنفسه وهو يقول :- ما تيجي نقعد ..

انجذبت معه ، وقعدنا على الرصيف نراقب الشارع لفترة..راح ينفث دخان السيجارة الثالثة وهو صامت وبعد وهلة نظر ليّ وهو يقول :- تاخد سيجارة تاني .. خد خد ولع بقى.. اها أنت كنت بتسال عن إيمان .. إيمان مراتي أنت تعرفها باسمها القديم " سيلفي " صح

أقول ببساطة قدر إمكاني :- أها .. سيلفي .. هي سيلفي هي إيمان.. هي هربت ؟

يقول بغضب :- أها هربت أنت مالك .. خدت أحمد وفاطمة وهربت .. بس " سيلفي " أسلمت وبقت إيمان..

أحاول ألا أبدو مندهشا وأنا أقول :- طيب كويس بس هي هربت فين؟ ..

يغمض عينيه ويفتحهما وهو ينظر باتجاهي قائلا :- أنت حشري ليه .. طول عمرك حشري كده .. أوعى بقى ..

أحاول أن أقف فيشد يدي لأجلس بجواره وهو يقول :- رايح فين اقعد .. خد سيجارة أهي .. ولع واقعد ..هي رجعت بلادها تصور .. ست سنين جواز وبعدين تهرب مني .. وخدت العيال أحمد وفاطمة ما أنت عارفهم ..

قلت بهدوء :- وأنت عملت إيه ؟

قال بعنف :- عملت .. عملت كتير .. بلغت البوليس والحكومة ورحت السفارة.. وبلغت الدنيا كلها ..

- هاه وبعدين ..

- قالوا ملناش دعوة .. ها ها ها ..

- طيب وبعدين ؟

قام فجأة وهو ينظر للسيجارة في يده، والسيجارة في يدي، ثم أخرج علبة السجائر من جيبه وقذفها في وجهي وهو يقول:

- أنت بتشرب مستورد .. أوعى بقى أوعى بقى..

وراج يجري وسط الطريق غير عابئ بشي.. بينما تسمرت عيناي عليه حتى اختفى وظل صوته يتردد في أذني صاخبا لفترة طويلة : أوعى بقى .. أوعى بقى ..

أي نيران تطفئ لهيب !!!  

Posted by: محمد إبراهيم محروس




تطوف كما النحلة، تطوف كما الخيال الناضج في دائرة عبثية أحكم حلقاتها أنا.. هي من تكون بداخلي عندما أنوي أن أشرد بعيدا عن كل تعريف أو مسمى ملفوظ بالكتابة، هي من تتغزل حولها كل أشياء، سجائري، ولاعتي، قميصي القديم، حذاء جديد وآخر بال.. هي من ترتسم في ظلها كل الأشياء ، وتهرب من بين جوانبها كل الأشياء سمراء ، بيضاء ، حالمة ، شاردة ، عاقلة ومتغلبة على أموري ، غاضبة وقاتلة ، عاشقة مبتهلة بالدعاء ، وأنثى تتمرد بين جوانحي ، هي اللحظة الآتية الغبية ، واللحظة الماضية الآثمة ، هي أنثاي ، وهي امرأتي ، هي كل الحكاية ، لم أجد بدا ، ولن أجد سوى أن أفيض وأفيض ، أخرج من موال عشقي لأطوف في موال عشقي ، أتنسم هواءها البكر ، وأشارف على الهلاك لمرأى عينيها الساحرتين ، اللتين يخترقان حدودي كل صباح ، من هذه اللحظة التي داومت فيها على الكتابة لم أكن أظن قط ، أن كان من حقي الظن أو انعدامه أنها هناك في ظل الأشياء تبدو في كلف الحقيقة ترسم خطى الشباب ، تنفض على عينيها ألوان الشقاء ، ترسم بسمة تنير الطريق إلى مالا يجب ، أحاول أن أترصد جنون كل الهتافات التالية والمجنونة خلال لحظاتي العقيمة المتواترة ، ولكن دوما أقف وسط التخيبات ، أتخبط ملتويا كالثعبان ، أحاول ، وهي تحاول ، نقف في منتصف الطريق ، ترسم ، وأشخبط / أقف / أعود لأمشي مترنحا، لا أعرف كيف أبث عشقي في حروف ميتة ، في منتصف المسافات بيني وبينها ، في مناطق التيه والعشق والجنون ، في لحظات متعتي وهروبي ، لن أكون ، ولن تكون ، في ظل أشجار لم تخلق بعد ، مع نطفة الحياة .

سائلا، متسائلا، حاولت أن أكون أي.. ولكن بعد لحظة مريضة بالتعصب اكتشفت أن كل لحظاتي تعصب أعمى لها، كل سوابقي في الحب، وكل جرائمي، وكل ذكريات حياتي، كانت لها، هي من اختارت أن تكون لي، وهي من رمت بطريقتي ما لطريقي من نهاية.. حلم بارد متوتر ، حلم فاشل متوتر ، ليل بارد متوتر ، جحيم بارد متوتر ، أي نيران تطفئ لهيب ..

شات...  

Posted by: محمد إبراهيم محروس

http://4.bp.blogspot.com/_Ix0I2K9Fq68/SGq_YaVWMhI/AAAAAAAAAFU/2KYOU7sqpy8/s320/%D8%B9%D8%B7%D8%B1+%D8%A7%D9%85%D8%B1%D8%A3%D8%A9+2.jpg

لم تكن هيلين هي الوجه المنتظر لي الآن ، فبعد خمس سنوات من تعارفنا خلال "شات" غريب ، لم أتوقع قط أن تقول لي : أنا جاية مصر بكرة ..

توقعت أن أقول كلمة قبيحة ، ولكنني منعت نفسي وقتها وأنا أقول : مفيش مشاكل تشرفي ..

ندمت بعدها أنني أعطيت لها كل المعلومات الضرورية عني من قبل ،وأنني وصفت لها حياتي وصفًا غريبًا ، فما كانت هيلين سوى انبعاث لفكر خاص بيّ ، يدور حولها فلك خاص بها ، ودوما أجد المبرر الكافي لكي لا أقطع علاقتي بها ؛يكفي أن أطرح لنفسي فكرة المنظومة العالمية وأننا في عالم العولمة ، وكنت أفكر وهي تقول ليّ على فترات متقطعة أنها أخيرا سوف تنهي ارتباطات عملها الأخير وسوف تقضي إجازتها في مصر ..كنت أظنها تعبث ، لتزيد شوقي للعبة المميتة عبر النت ، ولكن العبث الذي كانت تقوله أو ما تصورته أنا ، لم يكن عبثًا بل كان حقيقة تقوم هي على تدريب نفسها عليها يومًا بعد يوم ، وكان عليّ أن أتقبل هذا الفعل بصورته الحقيقية ، التزمت الصمت طوال محادثتي مع صديق ليّ كان يستشيرني في مشكلة عاطفية أنها ليست مشكلة بقدر مع هي حالة من التوحد الروحي بينه وبين حبيبته التي قررت أن تغادر عالمه الحقيقي والافتراضي فجأة ؛لتصيبه بالتخبط ، وكان لزاما عليّ أن أطرح مشكلة هيلين جانبا وأنتبه لصديقي وهو يقول ليّ عن حبيبته العراقية التي يعرف أنني أعرفها ربما أكثر منه ، وإنها ستأتي إلى مصر كما تأتي دوما ، كل صيف وأنه يجهز نفسه لزواجه بها ،ولكنها قررت اليوم أن تقطع حبل علاقتهما الممتد منذ ثلاث سنوات ، فهي لا ترغب في أن تظل الحكاية مجرد لقاءات عبر "شات" أو مجرد قبل مرسومة ، ولم يكن أمام صديقي سوى محاولة وحيدة وهي الزج بي في طريقها لمعرفتها الوثيقة بي ، ولكنه اختار وقتًا كان كابوسيًا بالنسبة ليّ ، ففي هذا الوقت تحديدًا قررت هيلين مفاجأتي بقراراتها المجنونة دوما . لفترة كما يدور في عالم "الشات" الافتراضي ظننت هيلين رجلا يداعب خيالي بصورة أنثى مثيرة ، ولكني ، بعد فترة وخلال صديق مقيم لي في ايطاليا ، وبعنوان منزلها الذي صادف أنه يقع في المنطقة السكنية التي يقيم بها قال لي بعدها إنني وقعت على كنز .. وإنها أنثى بكل ما في الكلمة من معنى ..

الآن علي أن أعود إلى نفسي قليلا ، لأرتب الأفكار كلها ، لأرمي الحياة الافتراضية إلى عالم الواقع لتحاربه ، لأختار لنفسي تلك الشخصية التي رحت أزرعها في عقل هيلين لمدة خمس سنوات ، وكم كان من الصعب أن يحدث هذا بالطبع ،لم أكن مراهقا لأصف لها نفسي بالطويل العريض ، المصري الفرعوني ، كما يحدث في فيلم خائب فهي رأت مئات الصور لي ، وأنا بالمثل أحتفظ بمئات الصور لها على جهازي ، ما زلت مشكلة صديقي وحبيبته العراقية تشغل تفكيري ، وما زال في عقلي يدور وهم خاص بهيلين ، هل يجب أن أنتظرها في المطار اليوم ، وهل سوف أبدو أمامها حقا المصري الطيب الرقيق ، أم أن أنوثتها الطاغية قد تجعلني أفكر أن أخوض معها تجربة خاصة ، لمزج الدماء ، وحتى لا أخيب المصريين في ، وأضرب السياحة كما كان يقولها محمد صبحي في مسرحيته ، هييه أجيبشن هيبوسني هييييه ..

يزيد الخيال المريض من أحلامي؛ ليجعلني مقررًا وحيدًا لأحداث الآخر، الذي يبعد عندي آلاف الكيلومترات ، فهل يتصورون أنني أملك حقّا حلولا جاهزة لكم المشاكل التي يطرحونها حولي ، عالم الشات ما زال مفزعًا وغريبًا ، ينتظرني على بابه بعبع خاص ، فتاة ربيعية سورية حدثتها مرات عديدة عن نفسي لدرجة بدأت أشك بعدها أنها تقرأني ككتاب مفتوح ، وصديق صاحب مجموعة قصصية يصر أن يأخذ رأيي فيها ودوما أخاف أن أقول له إنهم يخدعونك بالتصفيق .. صديق يرسل لي روايته كي أراجعها له ، فتاة ترمي بنفسها في العشق وتزعم أنني الوحيد الذي يستطيع انتشالها ، أبواب ملعونة وغريبة يفرضها واقعي الافتراضي ،برغم أنه لا يفرق كثيرا عن الواقع الحقيقي بكل ملابساته وعجائبيته ، ألزم الصمت مع نفسي بعض الوقت وأقرر ألاّ أفتح الشات اليوم ، فسوف أغلق أبواب هذا الشات للأبد ، كلا من الصعوبة أن أتخلص من الشات بهذه السهولة .. فهناك أطراف كثيرون ارتبطت بهم وارتبطوا بي ، فمن الصعوبة والجبن أن أختفي هكذا لمجرد أن هيلين قررت أن تأتي مصر ، لتأتي هيلين وكل هواجس الغرب ولعناته ، ولكن لن أتخلى عن وحدتي أمام جهازي ، تلك الوحدة التي حاولت أن أتخلى عنها مرة ؛لأكتشف بعدها أنها الشيء الوحيد الحقيقي والذي يدعو للاطمئنان.. صوت صديقي يأتيني في عالم الحلم، لن تعود ليّ أنا واثق، وأكرر له في ثقة غريبة أنها ستعود، وأقول له في حماسة غريبة هل خاب رأيي أو استشارتي من قبل؟!.. يغمغم بلا ، ويزداد ثقته أن صديقته ستعود إليه ، بينما تتزحزح ثقتي في استشاراتي وحياتي نفسها .. هيلين ترمي بأوراقها في الملعب وعليّ أن أكون أنا .. فهل هذا صعب؟!..

ألملم أوراقا مبعثرة أمامي وأستخرج صورة هيلين التي طبعتها منذ مدة ،واحتفظ بها في محفظتي ، لأريها لأصدقائي " متفشخرا" " ومفشخرا" بمعرفتي بها ، وسط ذهولهم وإصرارهم أنني سارقها من شخص أجنبي ، وسط ضحكات كثيرة ، الآن علي أن أقدم لهم هيلين بكل حقيقتها وبكل أنوثتها وعلي أن أقول للجميع : ها أنا ذا فعلتها ، جلبت امرأة أوربية إلى حضن ثقافتي المصرية العريقة ..أنا فحل مصري ...

تضحكنني التصورات الآن وأنا أقف في صالة الانتظار، على شفتي ابتسامة رائقة غريبة، ابتسامة متحفظة..

بعد دقائق قليلة كانت هيلين ترتمي في حضني وتطبع قبلة على خدي ، وأنا أضحك بهسترية غريبة ، كانت أجمل مما تخيلت بمراحل .. هممت أن أخطفها من يدها وأجري ، وأجري ، قبل أن تربت على يدي في نعومة قائلة بلغتها : - انتظر قليلا .. البرت ينهي إجراءات الوصول وسيأتي بالحقائب ..

لا تضحك من فضلك .." من أين ليّ أن أعرف أنها تصحب " البوي فرند" معها ..اللعنة !

قالت زوجتي وهي تربت على كتفي لأنتبه :- هما الاتنين هيناموا مع بعض في أوضة واحدة ..

أجبتها ضاحكا : بالطبع لأ هيلين ستنام معاكي .. وعلي أنا أن أخد البرت في حضني ..

وانطلقت ضحكتي صاخبة في وجه زوجتي التي تعرف أنني مجنون تماما.. بينما ظل سؤال حائر داخلي..

هل أتوقف عن الشات ...



المرور بتأشيرة مزورة..  

Posted by: محمد إبراهيم محروس

The image “http://www.aleshteraki.net/images/articles/kanafany2.jpg” cannot be displayed, because it contains errors.

المرور بتأشيرة مزورة ...

لم تكن اللحظة كما نتوجها دائما بكلامنا أنها لحظة شبقة للتطور ، كل ما هنالك أن مزاعم القرية قد طالها النسيان ، فلم تعد القصص المنثورة على صفحات جباه رجالها تشغل أي أحد من ساكنيها ، بمجرد مرور الوقت وتأخر ظهور القمر لأيام ؛حتى دارت إشاعات غامضة مريبة أن هناك من يقدم القرية وبيده مفاتيح كنوزها المخبوءة منذ آلاف السنين في باطن جبلها .. عاد أحد شبابها المنزوي غريبا في القاهرة يقول إن هناك لجنة خاصة تم إنشاؤها لمراعاة ظروف القرية، وأن هناك شخصا ما سيزور القرية عما قريب.. من بيت لبيت وبخبطات أياد طفولية ، وبهمسات شفاه راحت تنتشر الأقاويل ..

في حينا المنزوي بعيدا عن أخبار الحياة والعاصمة ، جلست ، أشعل ركية النار ، ورحت ألقمها "قوالح " ذرة متيبسة ، لتزيد الجمرات من اشتعالها ، لم يكن لدي مبرر للجلوس في هذه الظلمة سوى انتظار ظهور القمر الذي اختفى لعدة أيام تحت عباءة مظلمة من التراكم الرمادي ..

بيد حالمة ، وبيد صغيرة ، راحت ابنتي تناولني المزيد من " القوالح ".. رصصت حجرا من المعسل ورحت أعبئ الجو بدخان أزرق بعد أن استخرجت من بين ملابسي قطعة " حشيش " أطعم بها حجر " الجوزة" بين فترة وأخرى ، لم أهتم حقيقة لاهتزاز رأس الصغيرة وتمايلها ، ولكني ربتت على وجهها ، وأنا أشير لها بأن تدخل لتكمل نومها ، أعتدت حكايات القرية ، وما يأتي أحيانا من هلاوس تجيء من بطون كتب صفراء تعود أهل بلدتي على توارثها ..

كل العبث أن يقطع أحد خلوتي الآن ليرمي في أذني أن هناك شخصية مهمة سوف تجيء لقريتنا قريبا ، وأنها ستنير الطريق أمام كل أبناء البلد ، لم أعتد الثقة بالكلمات والوعود المرتبطة بالمسئولين .. ولكنني أشرت لعبد الباسط خفير الدرك الذي أخبرني بالأمر أن يجلس، سند بندقيته بجانبه، وراح يتناول مني بوصة الغاب، لينفث دخانا أزرق من بين شفتيه ، وهو يترحم على عمدة البلد السابق الذي كان لا يخلو داره من أجود الأصناف، قال إن الصنف هذه الأيام مضروب.. وإن الحكومة تغش الصنف..

ضحكت لمقولته ، ولاتهامه الذي أظن أن معظمه باطلا ، ولكنه أقسم بمجيء المسئول الكبير ورأس العمدة السابق أنه كان يأخذ تموينه من الصنف من النقطة ، عندما علم العمدة أن له في الكيف ..

برغم أنني استغربت الأمر بعد الشيء، ولكنني أعتدت أن أقابل كلام أهل بلدتي بالإنصات، حاولت أن أتذكر متى ضربت أول نفسين من " الحشيش " في حياتي، ولكنني فشلت، وكأنما ولدت وأنا أدخنه..

تصاعدت الأدخنة ، ومع غياب القمر ، راحت رؤى مختلفة تثمر وتنمو بداخلي ، لتعطي شجرة وارفة من التخيلات ، منذ سنوات أيضا قالوا نفس مقولته عن زيارة رجل كبير للبلدة ، وقاموا بعد الدور وحصرها ، وتزين الطرقات وفرشها بالرمل ، ولكن الرجل الكبير لم يدخل البلدة من بابها الشرقي يومها ولا الغربي ، دخلها من حدود المحافظة ، ومن مكتب المحافظ نفسه أخذ مكافأة الزيارة وهنأ المحافظ على جمال بلدتنا وجمال شعور أهلها .. وعندما علمنا بهذا الأمر وزع حسن جاموسته التي ذبحها تيمنا بوصول الرجل الكبير على كلاب البلد وذئابها، وهو يلطم حظه العاثر بعدم قدوم الرجل.. من يومها تمر الوعود على قريتنا كمر السحاب، ولكنه سحاب مجدب غير ممطر..تظل الوعود وعودا، هكذا الحال..

وجدت نفسي منتشيا دون أن أعرف لماذا، زدت من ضحكاتي برغمي، طبطبت على كتف عبد الباسط الذي كان منتشيا بالمثل، وهمست له أن يعطيني بندقيته، ناولها لي في لامبالاة، نظرت إليها كثيرا قبل أن يقول هو: إنها قطعة خشب أتظن أنها بندقية حقيقية..الحكومة تمنعنا من الضرب بالرصاص..

ضحكت وأنا أقول : لماذا تحملها إذن ؟!

أجابني من وسط أسنان اصفرت:لأهش بها الذباب..أتريدني أن أمشي في البلد دون بندقية..

اختفاء سيدة العبوس..  

Posted by: محمد إبراهيم محروس

http://alcooool.jeeran.com/gb%5B1%5D.gif



لا أكذبك خبرا الآن أن كل ما سوف أطرحه عليك كله كذب، ولكنني مجبر يا ... على أن تصدقني إذا كنت تريد للافعال أن تستمر وللأقوال ان تتضح ..
عبر جزيرة في قلب محيط عظيم ، لا ليست هذه الحقيقة .
عبر جسر يقطعه المارة في ضوء الليل ، وتفترش النجوم السماء ، كلا كذب .
عبرمخططات سرية لحكماء يحلمون أن يحكموا العالم ، مجرد افتراء .
عبر ليل بهيمي ترعى الأبل فيه ، في صحراء تظللها الرمال والريح ، هلوسة كاذب .
ليس أكثر صدقا من الكاذب أنا حين أقول كانت هي البداية .
هي عندما استيقظت صبيحة يوم ما ، وقد وجدت ابتسامة تحتل وجهها بلا أدني خوف من غد ، ودون تردد حاولت أن تكبح تلك الابتسامة وأن تطلق عبوسها الدائم المشهورة به ، والذي أعطاها اللقب بين النساء بسيدة العبوس الأولى .
كل هذا راح صبيحة ذلك اليوم عندما ضبطت نفسها متلبسة بجريمة الضحك .
قال أطفال الحي والمنطقة إن سيدة العبوس قد أصابها الخبل أنها اليوم تضحك وباستمرار رهيب .
حاولت أن تختفي على العيون حتّى لا يتسرب خبر ضحكها بين الناس ، وتضيع تلك التكشيرة المعروفة والمحفوظة في الصدور منذ سنوات عديدة .
لا تذكر متى بالضبط أخذت التكشيرة مكانها المميز في وجهها ، كل ما تعرفه وتدركه بحق أنها يوما ما ، أصبحت كمثل هذا اليوم وقد تقطب جبينها ورسمت شفاهها صورة حزينة على الوجه .
حتى عندما ضافت السنوات على الأطفال تعطي لكل واحد منهم عمرا فوق عمره ، وتسربت السنون لتحملهم بعبء الحياة ظلت هي على شكلها دون تغيير ، كل شيء يمضي إلا تكشيرتها وعبوسها اليومي .. الشمس تشرق لتغرب وعبوسها مستمر ، الأطفال يمرحون ويتقلبون في شواطىء النهر وهي تلقف ضحكاتهم بوجه عبوس ، يدخل التلفزيون المدينة وتنتشر المسرحيات الهزلية بين الناس ، وتظل هي دوما عبوس .
كل شيء يمضي بطريقته كيفما أراد ، الضحك حولها يتزايد يوما بعد يوم وهي تلبس ثوب الحزن دون مآتم جديدة، يوم أن مات زوجها كمدا وحزنا لأنه لم ير في حياته لمع ابتسامة على شفتيها أدركت أن الأمر فوق طاقتها وخلف أي احتمال للتزوير ، بابتسامة زائفة .
اليوم تختفي عن الرقباء والمتسللين خلفها لتخفي تلك الأبتسامة الرائقة التي انتشرت في وجهها ، والتي ازعجتها بقدر ما أزعجها تسرب الضحكات من بين شفتيها .
قال الأطفال الذين لمحوا ابتسامتها إن سر الأمر كله هناك خلف ذلك الرجل الذي قدم المدينة متأخرا خمسين عاما وهو يحمل على ظهره صندوقا قديما متهالكا ، به خيال ظل ، وبه اراجوازات ، وبه أكثر من هذا دمى تحمل ابتسامات ، والأكيد أنه يحمل ذلك الصندوق القديم الذي كان يعرف باسم صندوق الدنيا ، وأن سيدة العبوس ليلة أمس عندما كانت عائدة من زيارتها اليومية للمقابر ، رأتها والأطفال حوله يتشقلبون ويقومون بحركات هزلية وهم يضحكون على رجل جاء متأخرا خمسين سنة على الأقل .. وهجم الأطفال واحدا أثر الآخر في محاولة لاكتشاف سر الصندوق العجيب وارتمت عيونهم عليه وأخذوا يحدقون دهشا مما يعرض بداخل الصندوق فما رأوه كان يفوق خيالاتهم ونشرات الأخبار والقنوات المفتوحة والمشفرة . كانت شيئا جديدا قديما لا تستطيع أن تعطي له تمييزا حقيقيا ، ولكن الغريب في الحدث أنه اكسب الأطفال شكلا جديدا وقد راحت ابتسامتهم تختفي ويحل محلها صمت غريب ، سيدة العبوس فقط من اتسعت عيناه وأخفت ابتسامة حاولت التسلل إلى شفتيها وهي تجري في اتجاه بيتها .
صباحا اختلفت الأشياء ، عندما انتشر خبر ضحكات سيدة العبوس التي راحت تتردد في الحيّ كله . وذهب كبراؤه إلى أن الأمر كله مستحيل ، فأطفالهم أصبحوا على غير ملامحهم المعهودة ، وماتت ابتسامتهم في الصدور واختنقت عن الشفاه . حتى عندما حاول الأهل إعادة إذاعة برنامج هزلي مضحك كانت الدموع تأخذ طريقها في عيون شباب ورجال الحيّ ، ومع ازدياد الدموع بصورة أصبحت مرئية ، حيث رأى الرائي أيا كان هو مصير أطفاله وأبنائه ، حاولوا أن يبحثوا عن الرجل بصندوقه العجيب وعن السيدة العجوز عابسة الوجه ، ولكن الأمر أصبح مستحيلا أيضا عندما انتشرت التكشيرة على وجه نساء الحيّ بلا استثناء من القاعدة . لم يتبق سوى الوصول إلى المرأة مهما كان الأمر ، قلبت الوجه في الوجوه ، وشدد الرجال على زوجاتهم أن يخرجن مكشوفات الوجه حتى يستطيعوا أن يميزوا بينهن والمرأة العابسة القديمة ، ولكن الأمر تخطى هذا بمراحل متنوعة ، ومتناقضة حيث أصبح التميز بين الزوجات شيئا مستحيلا ، فأهدت الأزواج إلى أن تضع كل سيدة أو زوجة شارة خاصة عليها اسم زوجها حتى لا يحدث أخطاء أخرى هم في غنى عنها الآن يكفي حالة الحزن الذي بدأ يزداد يوما بعد يوم منذ ظهور واختفاء الرجل بصندوقه العجيب ، المسرحيات الهزلية ، والقنوات المشفرة ، والمفتوحة لم تهد الجميع إلى أي شيء سوى الصمت .
وفي المساء تنتشر ضحكة بين القرية ضحكة عالية مرتفعة ، يحاول من يحاول أن يمسك صاحبتها ولكنها تختفي بطريقة ما زالوا يجهلونها ، ليلا تظهر فقط وتقطع شوارع الحي جريا ، كلهم شاهدوها ،ويشاهدونها ليلا ، ولكنهم للآن لم يستطيعوا أن يضعوا أيديهم عليها ، بينما راح الأطفال يكبرون يوما عن يوم دون أن يشعروا وأصبح الحي كله يمضي إلى الخرس فتكفي أن ترى وجه جارك لتشيح بوجهك عنه ، عابسا بعبوس .
قال البعض:إن هناك صندوقا آخر مدفونا في أعماق أحد البيوت به الحل.
صباحا كانوا يحفرون، ويحفرون، وتنتشر أكوام الرمل وتعصف الرياح بها..
وتمرّ الأيام والحفر في استمرار ودوام، والليل يأتي والحفر لا يتوقف، والريح تمضي.
وصباحا انتبهوا للأمر عندما وقف كل سكان الحي على أطرافه، يحاولون أن يلمحوا نهايتها، ولكن لم يصادفهم سوى بيوت مخربة، وأشلاء بيوت، ورمال تمتد وتمتد..وصباحا يرحلون، يحملون شبح الحزن على أكتافهم ويرحلون.
وتنتشر الأسطورة بينهم، إن بعضهم رأى سيدة العبوس ليلا مصاحبة لصاحب صندوق الدنيا، يمضيان ويضحكان سويا مغادرين الحيّ أو ما كان حيّا في يوم ما.

بيت على الطريق  

Posted by: محمد إبراهيم محروس


http://www.muhandes.net/ImgArsh/ejaz/ejaz4-1.jpg



البيت ، طرقاته تمتد أمامي ، ظل شجرة يرتمي على الأرض وكأنه يحفر ظلا آخر له ، صوت سكون ، ملامح لزمن مضى تفرش الممر الممتد من أول الحوش إلى آخر الوسعاية ، ملمح غريب يطفق في ذاكرتي ، ذكريات أيام خلت أو ما تزال في طريقها للرحيل ، نسمة باردة تداعب وجهي وأنا أدلف للداخل ، محملا بزخم من الذكريات ، البيت الذي رأى طفولتي ، وملامح شقاوتي ،وأول حب عذري ،وأول قبلة تحت هذه الشجرة التي تريد أن تنقض ، أخاف من صوت خطواتي التي تسحبني للتفكير، أي شيء آخر يجعلني أندهش غير الخلاء والخواء الممتد عبر ردهات وشرفات البيت ، وكأنه لفظ أحياءه ليعيشوا هوس الحياة بعيدا عنه ، غادرته وأنا متلمس خطوات النجاة مسافرا ، لم يغب عن ذاكرتي قط ، ولم تغب ذاكرتي عنه .. أدخل، أرى الصالة أمامي ، مغطاة بسحب من التراب ،أفتح الشباك فتتسلل نتف بسيطة من ألق الصباح ، أرى حبيبات كالرمل تدخل حاملة معها ضوءًا خفيفًا ، أقف هناك في وسط الصالة ، ألمح صورتها المعلقة ، أقترب أجد بجانبها شخصيات عديدة ، أنا ، وهي وأبي وجدي ، وإطار يحددنا ، أتذكر شكل المصور وهو يلتقط الصورة وفرحة جدي بتكبيرها ، أتذكر ضحكة أبي المتكلفة يومها ، عندما غطس الرجل برأسه أسفل قطعة من القماش ، تشبه ملاءة سوداء ممزقة ، ضحكة ، ياللا ، خلاص .. ثلاث كلمات، وانتقلنا إلى خانة صورة في إطار، أقرب الصورة من بين يدي، وأخلعها من على الحائط.. أتذكر مجيئي الآن وسببه، إنها الصورة.. وأخذت عيناي تلحان بالدموع علي ، وأنا أهمس لنفسي ، بيت ،مجرد بيت ، بينما يتمثل لي جدي ضاحكا : خد كل تفاح ..

أعود لأغلق باب البيت، وأنا أحمل صورة لهم جميعا، وأنا بينهم، والآن علي أن أكبرها وأضعها في شقتي الجديدة، ربما تجلب لي الذكريات...

دروب مريم..  

Posted by: محمد إبراهيم محروس

The image “http://www.doroob.com/wp-content/images/userimages/upload/2009/02/suad.jpg” cannot be displayed, because it contains errors.


تقف أمام بيتك تتأمل عن يمينك وعن يسارك ، ترى واجهات المحلات المغلقة والأخرى التي على وشك أن تغلق أبوابها ، يأتيك صقيع المساء كلسعات الإبر ، تتأمل وجه السماء وتتوقع أن تهطل بمزيد من المياه ، تعشق المشي عبر الشوارع التي غسلتها الأمطار ، رائحة الجو المشبعة بالرطوبة تأسرك ، تمتص الهواء بفتحتي أنفك وكأنك تعبئ رئتيك بعبير الحياة ، تبدأ في المشي بمحاذاة الرصيف ، تقفز فوق أحجار وضعها الناس ليمروا بين البيوت الواطئة في ذلك الحي المغرق في بؤسه ، تتذكر مريم وموعدك معها ، تدرك أن الوقت ليلا ، وأن البرودة غير محتملة بينما يلم المقهى كراسيه للداخل ويلف المعلم المكان بسرادق من المشمع ليحمي زبائنه القليلين من هجمات البرد ، تريد أن تتوقف دقائق لتعطي لنفسك فرصة للتأمل ، تريد أن تدخل للمقهى ربما جذبتك أنفاس الشيشة إلى خيال ترغبه الآن ، تشعر بالخيال يهرب مبتعدا بينما تأتي الحقيقة مؤلمة وحارقة .. مريم ..
حلمك الذهبي في عصر ضاعت فيه الأحلام، موعدك المقدس معها منذ ثلاثة شهور عندما تغرق شوارع الحي في الظلام، ولا يكون هناك غير المتسكعين، والهاربين مثلك من الوهم.. تتذكر أن كل شيء بدأ معك منذ سنوات بعيدة طفولة وصبا، حب ينمو بطول الأيام وتسارعها، حب يغلف قلبك بنور غريب لا تدري من أين يبدأ أو من أين ينتهي.. مريم وحيدة أبيها .. ذلك الشيخ إمام المسجد، والذي كان يجذبك صوته للترتيل خلفه في خشوع هل يرضى عن ما تفعله بابنته الآن، هل يغفر لك؟!.. ولكن ماذا كان بيدك غير هذا لتفعله.. تساءل نفسك وتحاكمها ، منذ ثلاث سنوات عقدت قرانك على مريم ، في فرح شعبي تراقصت حولك أنغام الحب ، منذ ثلاث سنوات وأنت تبحث عن شقة مثل بحار يبحث عن قارة أخرى .. مثلك والجنون يفترش عقلك من الأسعار ومن الارتفاع الرهيب في كل شيء ، تلعن الحديد ومن يحتكره ، تلعن الشوارع التي ضاقت بأهلها ، لا تتذكر سوى مريم وحنين رهيب يجرفك إليها ، مريم التي تعيش مع عمتها التي أصرت أن تأتي لتعيش معها ربما هربا من مكان أشد فقرا أو طمعا في شقة أخيها .. المطر يبدأ معلنا استمرار قسوة المساء .. صوت يأتي إليك من داخل نفسك يدعوك للتمهل ربما تكون عمتها ما زالت ساهرة.. تتأمل يديك اللتين ابيضتا من شدة الصقيع ، وتضعها في جيبك لتصطدم إحداهما بقطرة " البريزولين " التي تحتفظ بها دوما في جيبك تحسبا لوجع العين الذي يصادفك مرارا .. تقف فجأة شاعرا ببرودة مهيبة ، تتصور عمك الشيخ أبا مريم واقفا ينتظرك على باب البيت ، يمنعك من الدخول منعا للشوشرة وكلام الناس ، تتساءل وهل سينتهي الناس عن الكلام يوما ما؟! .. تتذكر صبيحة التي تحاول أن تحتك بك دوما في دخولك وخروجك على سلم العمارة والتي دوما تحاول أن تلصق جسدها بجسدك أثناء حديث عابر، بينما تخفي أنت وجهك في الأرض خوفا من خطأ ربما يجذبك نحوه جوع بشري.. تمشي ببطء .. تقترب الأفكار وتهرب من خيالك .. تتذكر الأمر كله وكأنها متاهة تدور في عقلك ، ترفع يديك تصد عن عينيك شبح الشيخ ، وصوته الجياش يأتي عبر ذاكرتك مسبحا ، ومرتلا ..
تهمل كل الخطوات المبعثرة للبشر على صفحات الطريق، تتأمل حياتك نفسها، وتتمنى أن تكون العمة نائمة، ومتاهة غريبة تأخذك وكأنما تدور بك الأرض في رحى معركة ذهنية رهيبة، الضمير..
كم يثقلك ضميرك الآن ، وكم يؤلمك ، تشعر بالخيانة بداخلك ، تقارن بين حالك الآن وحالك منذ شهور طويلة وأنت تدور في متاهة مريم ، وطلباتها ، وصوت أبيها الذي يأتي هادئا : هل من جديد ؟
تهز رأسك بضعف أمامه : ما زلت أبحث عن شقة ، وأفكر أن أجرب برنامج رمضان الذي يمنح شقق للعرسان .
يضحك الشيخ ويطمئنك أن الحياة أبسط من هذا ، وأنك في وقت ما ستصل لما تريد ، دون هبات من أحد ، وخصوصا لو كان هذا الشخص ..
تضحك من نفسك وأنت تضرب المياه بطرف حذائك مطرطشا على بنطلونك ..
يقترب بيت مريم منك وكأنه هو من يسير إليك وليس العكس ، تتأمل العمارة في هذا الوقت وتطمئن نفسك أن الشارع خال من البشر ، تهمس لنفسك بأدعية ، تتذكر كلمات مريم :صاحب العمارة يريد طردنا ، لا لن أتزوج قبل أن تمر سنة على موت أبي ..
متاهة مريم تجذبك مرة أخرى .. إصرارها ،حماستها، شغفها بالحياة، قصة الحب الطويلة، شمس الخريف، وقمر الشتاء، وكراسي الكورنيش التي تشهد على مسيرتكما في الحياة.. العشق الذي يطفح على وجهك ، تلامس الأيدي في لحظات وجلة ، خفرها ، همسها ، ضربات قلبها المتسارعة عندما تخطف منها قبلة عارضة ، شوق الأيام الذي يقتلك ويقتلها ، الخوف المرابط في الأحشاء من الزمن .. ذكريات طويلة وأنت تدلف بجسدك بسرعة من باب العمارة، ورنة المحمول إليها، وخطواتها المتئدة إلى الباب وهي تفتحه في وجل، هامسة: أتأخرت؟!
- المطر..
تسحبك من يدك إلى غرفتها، تميل شفتيك إلى وجنيتها تخطف قبلة سريعة، تضحك وهي تضع يدها لتمنع علو الضحكة
- عمتي نائمة !
تدلفا سويا لغرفتها، تغلقان الباب بالمفتاح، تتأملها، تتأملك تمسح قطرات المطر عن وجهك بشفتيها، تغرقان معا في الحب..والربيع يشرق بداخلك ، تكتم حرمانها وعواطفها خوفا من افتضاح الأمر ..
تشعر بالسرقة، ينتهي الأمر بينكما وهي تهمس: خائفة لو علم صاحب البيت لطردنا منه.
يأتي صوتك هامسا : أنتِ زوجتي ..
يأتي صوتها في ضعف : ولكننا أمام الناس لم نزف بعد ، ما زلنا في حكم المخطوبين ..
تضرب جبينك بيدك في قسوة، تخرج بعد قليل متسللا كما جئت.. ترفع رأسك للسماء وترى مزيدا من السحب، بينما تتمثل لك صورة صبيحة وهي تحتك بك ، وصوت الشيخ ، وكلام الناس ، ودروب مريم تمتد أمامك بلا نهاية ..